فصل
إذا ثبتت النبوات والرسالة ثبتت صفة التكلم والتكليم.
فإن حقيقة الرسالة : تبليغ كلام المرسل ، فإذا لم يكن ثمّ كلام فماذا يبلغ الرسل؟ بل كيف يعقل كونه رسولا؟ ولهذا قال غير واحد من السلف : من أنكر أن يكون الله متكلما ، أو يكون القرآن كلامه. فقد أنكر رسالة محمد صلىاللهعليهوسلم ، بل ورسالة جميع الرسل ، التي حقيقتها ، تبليغ كلام الله تبارك وتعالى. ولهذا قال منكرو رسالته صلىاللهعليهوسلم عن القرآن : ٧٤ : ٢٤ ، ٢٥ (إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ ، إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ) وإنما عنوا القرآن المسموع الذي بلغوه وأنذروا به.
فمن قال : إن الله لم يتكلم به فقد ضاهأ قوله قولهم. تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا.
فصل
في بيان تضمنها للرد على من قال بقدم العالم
وذلك من وجوه :
أحدها : إثبات حمده. فإنه يقتضي ثبوت أفعاله ، لا سيما وعامة مواد الحمد في القرآن ، أو كلها ، إنما هي على الأفعال ، وكذلك هو هاهنا. فإنه حمد نفسه على ربوبيته المتضمنة لأفعاله الاختيارية ، ومن المستحيل : مقارنة الفعل لفاعله. هذا ممتنع في كل عقل سليم ، وفطرة مستقيمة. فالفعل متأخر عن فاعله بالضرورة.
وأيضا فإنه متعلق الإرادة والتأثير والقدرة ، ولا يكون متعلقها قديما البتة.
الثاني : إثبات ربوبيته للعالمين. وتقريره : ما ذكرناه ، والعالم كل ما