(إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) وهذان الأصلان ـ وهما التوكل والعبادة ـ قد ذكر في القرآن في عدة مواضع ، قرن بينهما فيها ، هذا أحدها.
الثاني : [قوله تعالى في حكاية عن شعيب] (١) : ١١ : ٨٨ (وَما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ).
الثالث : قوله تعالى : ١١ : ١٢٣ : (وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ ، فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ).
الرابع : قوله تعالى حكاية عن المؤمنين ٦٠ : ٤ (رَبَّنا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا وَإِلَيْكَ أَنَبْنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ).
الخامس : قوله تعالى : ٧٣ : ٨ و ٩ (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً ، رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً).
السادس : قوله تعالى : ٣ : ١٣ (قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) ، (عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ).
فهذه ستة مواضع يجمع فيها بين الأصلين وهما (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ).
وتقديم العبادة على الاستعانة في الفاتحة من باب تقديم الغايات على الوسائل إذ العبادة غاية العباد التي خلقوا لها ، والاستعانة وسيلة إليها ، ولأن «إياك نعبد» متعلق بألوهيته واسمه «الله» و «إياك نستعين» متعلق بربوبيته واسمه الرب. فقدم «إياك نعبد» على «إياك نستعين» كما تقدم اسم الله على الرب في أول السورة ، ولأن «إياك نعبد» قسم الرب. فكان من الشطر الأول الذي هو ثناء على الله تعالى ، لكونه أولى به ، و «إياك نستعين» قسم العبد ، فكان مع الشطر الذي له ، وهو (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) إلى آخر السورة.
__________________
(١) وردت في المطبوع : قول شعيب.