كونه كافرا من جهة ومسلما من أخرى ، لا أنه موضوع خارج ليتمسك حينئذ في طهارته بالأصل ، فما شك فيه حينئذ من الأحكام الثابتة له بارتداده وقبل توبته لا ريب في استصحابه.
وأغرب من ذلك إثبات تلك الدعوى بوضوح صدق اسم المسلم عليه ، بناء على ثبوت الحقيقة الدينية فيه وفي الكفر ، ضرورة ان الإسلام شرعا عبارة عن الإقرار بالشهادتين ، كما أن الكفر عبارة عن إنكارهما أو إحداهما ، وعلى تقدير عدم الثبوت فأظهر ، إذ لا يخفى ظهور ما دل (١) على كون الإسلام الإقرار بالشهادتين في غيره ، وكيف لا مع اشتمال أكثرها على أنه به تحقن به الدماء ، وعليه جرت المناكح والمواريث ونحو ذلك مما علم انتفاؤه في الفرض ، كما ان اشتمالها أيضا على الفرق بينه وبين الايمان ظاهر في كون المراد من ذلك بيان الإسلام على الإهمال لا التعميم المثمر في المقام ، على أن ارتداده قد يكون بغير إنكار الشهادتين ، بل كان بفعل بعض ما يقتضي الاستخفاف بالدين ونحوه مما لا يتم معه الاستدلال بتلك الإطلاقات المناقش فيها بما عرفت ، بل يمكن معارضتها بالإطلاقات الدالة (٢) على كفر المرتد واستحقاقه جهنم ، ضرورة شمولها لمن أعقب ارتداده بالتوبة ، وترجيحها عليها باعتبار اعتضادها بإطلاقات التوبة وعموماتها يدفعه ـ بعد إمكان منع شمول عمومات التوبة الكفر ونحوه ، خصوصا مع قوله تعالى (٣) : ( إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ، وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ ) كإمكان منع رجحانها عليها مع ذلك أيضا ، لأكثرية أفرادها وخروجها مخرج القواعد العامة والمقتضيات التي قطع النظر عن موانعها ـ أنها معتضدة بالاستصحاب وما سمعته من الأدلة السابقة القاضية بعدم
__________________
(١) أصول الكافي ـ ج ٢ ص ٢٥ من طبعة طهران.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب حد المرتد من كتاب الحدود والتعزيرات.
(٣) سورة النساء ـ الآية ٥١.