من هذا الارتكاز انه يشترط عدم وجود داع شيطاني عصياني بحيث يترتب على مقتضاه العقاب ولا يشمل مثل مخالفة النهي الكراهتي.
التنبيه الثاني ـ النهي كما قد يتعلق بأصل العبادة كذلك قد يتعلق بجزئها أو شرطها.
فلو تعلق النهي بجزء العبادة فحيث انَّ المفروض انَّ جزء العبادة عبادة فالنهي يقتضي فساد الجزء لو لم يتداركه فيبطل أصل العمل باعتبار نقصان جزئه ولو تداركه صح العمل ما لم يكن هناك محذور آخر كالزيادة ونحوها.
إلاّ إِنَّ الميرزا ( قده ) ذكر : بأنَّ الجزء إذا كان محرماً فيتقيد الواجب بغيره ، وهذا يعني انه يكون مانعاً عن صحة العمل فلو أتى به يبطل من ناحية المانع.
ولا أدري انه كيف صدر هذا الكلام منه ( قده ) مع جلالة قدره : فانَّ ما أُفيد من انَّ تحريم هذا الجزء يوجب تقييد الواجب بغيره صحيح إلاّ انَّ هذا لا يعني انَّ هذا الجزء لا يقع مصداقاً للواجب ولا يعني كونه مانعاً من صحة الواجب.
ولو تعلق النهي بشرط العبادة ، فلو كان الشرط في نفسه عبادة كالوضوء يبطل لا محالة (١) وببطلانه يبطل المشروط أيضاً ، ولو لم يكن الشرط عبادة فيمكن التمسك حينئذ بإطلاق دليل الشرطية لإثبات انَّ هذا مصداق للشرط ، وهنا ذكر السيد الأستاذ وجملة من الأصحاب انَّ المسألة تدخل في كبرى اجتماع الأمر والنهي ، فانَّ الفعل يكون مأموراً به باعتباره شرطاً شرعاً في الواجب ويكون أيضاً محرماً ومثاله التستر بثوب مغصوب.
إلاّ اننا قلنا في بحث الاجتماع انَّ هذا خارج عن بحث الاجتماع ، فانَّ النهي تعلق بالقيد لا بالتقيد والأمر الضمني في الشرط يتعلق بالتقيّد ولا يسري إلى القيد فمصب أحدهما غير مصب الاخر.
التنبيه الثالث ـ في انَّ الحرمة التشريعية هل توجب البطلان كالحرمة الذاتيّة أم لا؟
__________________
(١) ولكن يبقى فرق بين الشرط والجزء من حيث إمكان التمسك بإطلاق دليل الشرطية في مورد النهي عند الجهل وعدم تنجز الحرمة ، إذ لا مانع من إطلاقها له بعد ان كان النهي الواقعي متعلقاً بالقيد والأمر متعلق بالتقيد.