وثانياً ـ يمكن أَنْ يفترض انَّ حصول الانتقال في نظر العقلاء يكون مبغوضاً أيضا للشارع وإِنْ لم يمضه الشارع ، فلا يكفي لعدم الوقوع في المبغوضية انَّ الشارع لا يجعل الانتقال ما دام انَّ المعاملة صحيحة عند العقلاء بل لا بدَّ وأَنْ لا يؤتى بالسبب كي لا يحصل الانتقال حتى عند العقلاء ، وبهذا الاعتبار يمكن أَنْ ينهى الشارع عن طبيعي المسبَّب وإِنْ كان مسبباً عقلائياً.
وامّا النقطة الثانية ـ أعني اقتضاء النهي بعد تعقل تعلقه بالمسبَّب للبطلان فيمكن إبرازه بوجهين.
الوجه الأول ـ انَّ النهي عن المسبَّب يكشف عن مبغوضيته شرعاً سواءً كان المنهي عنه خصوص المسبَّب الشرعي أو الجامع بينه وبين المسبَّب العقلائي ، فانَّ مبغوضية الجامع تسري إلى الافراد أيضاً باعتبار انحلاليتها ، فإذا كان المسبَّب الشرعي مبغوضاً للشارع فلا بدَّ وأَنْ لا يفعله بنفسه بأن لا يجعل السببية كي لا يثبت المسبَّب عند ثبوت السبب ، فالنهي عن المسبب يكشف عن عدم جعل السببية وهو معنى البطلان.
وهذا الوجه يمكن الإجابة عليه بعدة أجوبة :
منها ـ انه اتضح في الجواب الأول عن البيان الثاني في النقطة الأولى إمكان محبوبية المسبَّب الشرعي ومع هذا ينهى عنه ، وذلك فيما إذا فرض انَّ محبوبية المسبَّب لا تكون مطلقة بل لا تكون متوقفة على وقوع السبب خارجاً واما مع عدم وقوع السبب خارجاً فيكون المسبَّب مبغوضا لفعلية المفسدة وعدم فعلية المصلحة.
ومنها ـ انه يمكن أَنْ تكون فعلية المسبَّب خارجا مبغوضا للشارع ولهذا نهى عنه ولكن مع هذا يجعل السببية لوجود مصلحة أقوى في نفس الجعل فانَّ نشوء الحكم الوضعي من مصلحة في نفس الجعل معقول وإِن لم نتعقل نشوء الحكم التكليفي من مصلحة في نفس الجعل.
ومنها ـ انه يمكن أَن يفترض انَّ المبغوض للشارع ليس مطلق المسبَّب بل هو صرف وجوده بنحو لا ينحل إلى كل فرد فرد ، وذلك كما إذا فرض انَّ عدم وقوع طبيعي المسبَّب في الخارج الأعم من الشرعي والعقلائي هو المحبوب للشارع ، وهذا لا ينافي أَنْ يمضي الشارع السببية بأَنْ يثبت المسبَّب عند ثبوت السبب ، فانه مع ثبوت المسبَّب