ثم انه لا فرق بين أَنْ يكون هذا التلازم والالتصاق ثابتاً على مستوى المدلول التصوري للجملة أو على مستوى المدلول التصديقي.
تفصيل ذلك انه تارة ، يُقال : بأنَّ الجملة بهيئتها أو بأداتها تدل على النسبة الالتصاقية والتوقفية فكأنما قيل بدلاً عن ( إِنْ جاءك زيد فأكرمه ) ( وجوب إكرام زيد موقوف على مجيئه أو ملصق به ) وأُخرى يقال : بأنَّ الجملة تدل على النسبة الإيجادية فكأنما قيل بدلاً عن المثال السابق ، ( مجيء زيد موجب وسبب لوجوب الإكرام ) فلو فرض انَّ مفاد الهيئة أو الأداة هو النسبة الالتصاقية فيتم الركن الأول لا محالة وسينكشف من انتفاء الشرط انَّ الجزاء أيضاً منتف ، إذ لو كان الجزاء ثابتاً من دون ثبوت الشرط فهذا خلف التصاقه به وتوقفه عليه ، ولو فرض انَّ مفاد الهيئة أو الأداة النسبة الإيجادية فبمجرد هذا المدلول التصوري لا يمكن أَنْ نثبت الركن الأول من التصاق الحكم في الجزاء بالشرط إذ يمكن أَنْ يفترض انَّ الشرط موجد للحكم في الجزاء ولكن مع هذا لا يكون الحكم في الجزاء ملصقا بالشرط ، وذلك كما إذا فرض ثبوت موجدين وعلّتين في الجزاء ، فقد يثبت الحكم في الجزاء من دون أَنْ يثبت الشرط.
اذن لو فرض انَّ الهيئة أو الأداة كانت موضوعة للنسبة الإيجادية فلا يمكن إثبات
__________________
المحمول وفي مركزه والربط نسبة بينهما. فعلى الأول يتم المفهوم ولا يحتاج في اقتناصه إلى أكثر من أصل الربط لأنَّ معناه انَّ طبيعيّ الحكم مربوط بالشرط فيكون بمقتضى الإطلاق أن كل فرد من افراد الحكم يكون مربوطا بالشرط لما تقدم من انَّ الإطلاق في طرف ما هو موضوع حقيقة ولبّا انحلالي ، وعلى الثاني ، لا يمكن إثبات المفهوم ، إذ سوف يتعامل مع طبيعيّ الحكم في الجزاء كما يتعامل مع طبيعيّ الحكم في طرف المحمول فيكفي في تصادق جملتي الجزاء والشرط صدق فرد من الحكم عند تحقق الشرط.
وهذا ضابط اخر لاقتناص المفهوم ، إلاّ انَّ الوجدان العرفي يشهد بأننا حتى لو سلّمنا انَّ الجملة الشرطية تدل على الربط والنسبة التامة بين جملتي الجزاء والشرط بحيث يكون هو المنظور إليه أساساً ، وان المدلول التصديقي للجملة هو الحكاية عن هذا الربط والتلازم والتصادق مع ذلك لا نقبل انَّ ذلك عارض على الجزاء وبمثابة المحمول له ، والمنبه إلى هذا الوجدان امران :
الأول ـ لو كان الأمر كذلك لزم ثبوت المفهوم حتى للجملة الشرطية الخبرية كقولك ( إذا شربت السم تموت ) إذ يكون معناه انَّ موتك معلّق على شرب السم مع وضوح عدم استفادة المفهوم من الجمل الشرطية الخبرية.
الثاني ـ لزوم لغوية التعليق في الشرطية المسوقة لبيان الموضوع كقولك ( إذا رزقت ولداً فاختنه ) إذ يكون المعنى ختان ولدك معلّق على وجوده وهذا أشبه بالقضية بشرط المحمول.