أهل العرف والمحاورة انَّ أداة الشرط موضوعة لإيجاد الربط بين جملة الشرط وجملة الجزاء ذاك الربط الّذي سوف نتكلم عن هويته وانه يكون نسبة توقفية التصاقية أو يكون نسبة إيجادية.
إلاّ انَّ المحقق الأصفهاني ( قده ) خالف في ذلك وقال :
انَّ أداة الشرط ليست موضوعة للربط بين الشرط والجزاء ، وانما الدال على هذا الربط هيئة ترتيب الجزاء على الشرط التي قد تتحصل من فاء الجزاء ، وامّا أداة الشرط فهي موضوعة لإفادة انَّ مدخولها الّذي هو الشرط واقع موقع الفرض والتقدير ، فكما انَّ أداة الاستفهام موضوعة لإفادة انَّ مدخولها واقع موقع الاستفهام ، وأداة الترجي موضوعة لإفادة انَّ مدلولها واقع موقع الترجي ، كذلك أداة الشرط موضوعة لإفادة انَّ مدخولها واقع موقع الفرض والتقدير ، وقال ( قده ) : انَّ هذا هو ما ذهب إليه علماء العربية ويفهمه أهل العرف والمحاورة (١).
أقول : انَّ المحقق الأصفهاني ( قده ) (٢) لم يبرهن على ما ادعاه من انَّ أداة الشرط موضوعة لإيقاع مدخوله موقع الفرض والتقدير وليست موضوعة للربط بين الشرط والجزاء ، إلاّ اننا بإمكاننا أَنْ نبين صورة برهان على مدعاه حاصله :
اننا نلاحظ كثيرا ما تدخل أداة الاستفهام على الجزاء فيقال مثلا ( إِنْ جاءك زيد فهل تكرمه أولا ) ومع هذا يكون الاستفهام فعلياً ويترقب السائل أَنْ يجيبه المخاطب بالفعل. وفعلية الاستفهام لا يمكن أَنْ تُفسَّر على أساس مبنى المشهور من انَّ أداة الشرط موضوعة للربط بين الجزاء والشرط ، إذ بناء على هذا يكون الاستفهام معلقاً على مجيء زيد لأنَّ الجملة الاستفهامية هي بنفسها جعلت جزاء في الجملة الشرطية.
اذن فلا بدَّ وأَنْ لا يكون الاستفهام فعلياً ما دام انَّ مجيء زيد ليس بفعلي مع انه من
__________________
(١) وهذا هو المطابق مع وجداني وفهمي العرفي وسوف يأتي ذكر بعض المنبهات والشواهد عليه في التعليقات القادمة وبناء على هذا الفهم للجملة الشرطية سوف لن يكون لها مفهوم إذ غاية ما تدل عليه حينئذ تحديدٌ وتقدير وعاء صدق الجزاء وفرض تحققه أي يكون الشرط بحسب الحقيقة قيداً لوعاء النسبة الثابتة في جملة الجزاء ، ومعه لا موجب لتوهم الدلالة على المفهوم بل حاله حال الوصف والقيد غاية الأمر انَّ الوصف قيد لموضوع النسبة والشرط قيد لنفس النسبة ووعاء ثبوتها.
(٢) نهاية الدراية ، ج ١ ، ص ٣٢٠ ـ ٣٢١