والشقّ الثالث يبطل بمقدمات الحكمة بصيغتها المشتركة العامة ، إِذ أيّ خصوصيّة في تلك المجموعة كي تحمل الطبيعة عليها فقط فلو كان المقصود واحدة من المجاميع المتصوّرة كان عليه أَنْ ينصب التقييد عليها.
والشقّ الأول يبطل بمقدمة عقلية وهي عدم المقدورية ، إِذ كيف يمكن الإتيان بجميع الصلوات مع انَّ أفرادها العرضية متزاحمة ومتضادة فيتعيّن الشقّ الثاني وهو الإطلاق البدلي.
الثاني : في متعلّقات النواهي كما إِذا قال ( لا تكذب ) فانَّه أيضا فيه ثلاثة احتمالات ، أَنْ يكون الحرام جميع أفراد الكذب أي كلّ كذب ـ وهو الإطلاق الشمولي ـ وأَنْ يكون الحرام أحد أفراد الكذب ـ وهو الإطلاق البدلي ـ وأَنْ يكون الحرام مجموعة من أفراد الكذب ـ كالكذب على الله ورسوله مثلاً والكذب في حالة الصوم مثلاً ـ والشقّ الثالث هنا أيضا يبطل بمقدمات الحكمة بصيغتها المشتركة في جميع الموارد إِذ لو كان المراد مجموعة أو فئة معيّنة من الأكاذيب وهو في مقام البيان لكان عليه أَنْ ينصب قرينة عليها ، وامَّا الشقّ الأول والثاني في المقام فنجد انَّ المقدمة العقلية تنفي الشقّ الثاني أي الإطلاق البدلي لأنَّ الإطلاق البدلي غير معقول إِذ مقتضى طبع المطلب أَنْ يترك الإنسان كذباً واحداً على الأقل أي أحد أفراد الكذب فانتراك كذب واحد ضروري قهري فلا يعقل التكليف به فيتعين الشقّ الأول وهو الإطلاق الشمولي.
الثالث : ما سمّاه بموضوعات الأحكام الوضعيّة « كأحلّ الله البيع » فانَّه أيضا يرد فيه الاحتمالات الثلاثة ، حليّة كلّ بيع وحلية أحد البيوع وحليّة مجموعة معيّنة من البيوع كالعقدية مثلاً ، والاحتمال الثالث يُنفى بالقدر المشترك من مقدمات الحكمة والاحتمال الثاني يُنفى بمقدمة عقلية إِذ من اللغو حليّة بيع لا بعينه فيتعيّن الاحتمال الأول أي الإطلاق الشمولي.
وهذا الكلام فيه عدّة مواضع للنظر نقتصر فيه على نكتتين :
النكتة الأولى : انَّ استفادة البدلية أو الشمولية في كلّ مورد ليس بميزان لغوية الآخر وعدم معقوليته مع ضمّ القدر المشترك بدليل انَّه في كثير من الموارد يكون كلّ