عدم التداخل ، وثالثة : في كيفية العلاج بينهما. أما البحث عما يقتضي الدلالة على عدم التداخل فيمكن تقريبه بأحد نحوين التقريب الأول : انَّ المنطوق يحتوي على ظهورين بمجموعهما يقتضيان عدم التداخل.
الظهور الأول : ظهوره في كون الشرط علّة تامة مستقلة للجزاء.
الظهور الثاني : ظهوره في كون الشرط علّة لأصل الحكم لا لمرتبة تأكده وشدته.
وينتج من هذين الظهورين عدم التداخل إذ يستحيل أنْ تجتمع علّتان تامتان مستقلتان على معلول واحد.
وهذا التقريب غير تام ، لأنَّ الثاني من الظهورين وإِنْ كان تاماً إِلاَّ انَّ الظهور الأول ليس كما قيل ، بمعنى انَّ المنطوق لا يدل على علّية الشرط التامة بهذا العنوان وانما يستفاد ذلك بالإطلاق المقابل للواو بحسب تعبير الميرزا وبإطلاق الترتب بحسب تعبيرنا. أي بإطلاقه لحالة فقدان الشرط آخر ، وهذا غاية ما يلزم منه هو إثبات تمامية الشرط في حالة انفراده ولا يثبت تماميته في حالة اجتماعه فكونه جزء العلّة في حالة الاجتماع لا ينافي هذا الظهور.
التقريب الثاني : ما ذكره صاحب الكفاية ( قده ) ، ولعله كان متفطناً إلى عدم تمامية الظهور الأول في التقريب السابق فاستبدله بتقريب آخر يتفق مع السابق في الظهور الثاني ولكن يختلف عنه في الظهور الأول حيث يدعى هنا : انَّ الشرطية ظاهرة في حدوث الجزاء عند حدوث الشرط لا مجرد الثبوت ، وهذا الاستظهار قد يدعى في باب الأفعال كفعل الأمر فيكون مقتضى الشرطيتين حدوث أصل الحكم حين حدوث كل من الشرطين وهو ينافي التداخل إِلاَّ انَّ هذا التقريب بحاجة إلى عدة افتراضات.
فأولاً ـ لا بدَّ وأَنْ يكون الجزاء جملة فعلية ليدل على الحدوث فلا يجري فيما إذا كانت جملة اسمية كقولنا ( إذا جاءك زيد فإكرامه واجب ) (١).
__________________
(١) ظاهر الجملة ان الشرط سبب لترتب الحكم بمعنى استلزامه واقتضاؤه لفعليته فإذا كان الجزاء سنخ حكمٍ يقبل التعدد