الاحتواء والاستيعاب مدلول للفظ كما هو الحال في أدوات العموم. ويشهد لذلك دخول أدوات العموم عليها على حد سائر الطبائع فنقول ( أكرم كلَّ عشرة من العلماء دفعة واحدة) كما تقول ( أكرم كلَّ رجل و( أكرم كلَّ العشرة ) كما تقول ( اقرأ كلَّ السورة ).
النقطة الخامسة : لا إشكال في استعمال ( كلّ ) لاستيعاب الاجزاء تارة واستيعاب الافراد أخرى. والأداة موضوعة في المقامين لمعنى واحد هو واقع الاستيعاب وخصوصية كونه بلحاظ الاجزاء أو الافراد انما تستفاد بلحاظ المدخول.
وعلى هذا الضوء نقول : هناك ظاهرة واضحة هي انَّ ( كلّ ) كلما دخلت على المنكر إفادة الاستيعاب بلحاظ افراد الطبيعة بخلاف ما إذا دخلت على المعرف فانها تفيد استيعاب الاجزاء كما تقول ( اقرأ كل السورة ) ، وقد حاول المحقق العراقي ( قده ) ، على ما يستفاد من كلامه أَنْ يفسر ذلك على أساس انَّ اللام وضعت بطبعها للعهد والتعيين وهو ينافي التعدد الأفرادي ولذلك إذا ما انسلخ اسم الجنس عنها أمكن إفادة استيعاب الافراد.
وفيه :
أولاً ـ انَّ الملحوظ هو استيعاب الافراد دائما في موارد دخول كل على المنكر مع انَّ المانع لو كان هو اللام كان اللازم وقوع كلا الاستيعابين فيه.
وثانياً ـ انَّ المراد من التعيين إِنْ كان مطلق التعيين المساوق مع التعريف فمن الواضح انه لا ينافي مع التعدد الأفرادي كما في المعرف بلام الجنس ، وإِنْ كان المراد التعيين العهدي خاصة فاستفادة الاستيعاب الأجزائي ليست مختصة به بل هو جار في كل موارد المعرفة كما في قولك ( قرأت كلَّ كتابك ).
والصحيح في تعليل هذه الظاهرة أَنْ يقال : بأنَّ الأصل الأولى يقتضي أَنْ يستفاد من كل الاستيعاب بلحاظ اجزاء المدخول لأنَّ المفهوم المدخول عليه كل سواءً كان مفرداً أو جمعا تكون دلالته على اجزائه ثابتة بمقتضى إطلاقه الأولي ، وامّا ملاحظة الافراد منه فبحاجة إلى مئونة دال آخر ولو من قبيل تنوين التنكير الدال على البدلية المساوق مع الانتشار والإشارة إلى الافراد على سبيل البدل ولهذا كان قرينة على انَّ التكثر الملحوظ