السكوت مع فرض كون عمومه غير مراد جدا.
والصحيح ان يقال : بان الجد والهزل ليسا من شئون ذات المعنى بما هو ولا من شئون ذات الكلام بقطع النّظر عن معناه أي بما هو فعل ملحوظ كموضوع ، بل من شئون الكلام بما له من الكشف والدلالة ، وهذه حيثية تتعدد وتتكثر بتعدد المدلول وتكثره ، فالكلام الواحد العام من قبيل ( أكرم كل عالم ) من حيث انه يكشف عن ثبوت الحكم في العالم العادل يكون جديا ، ومن حيث انه يكشف عن ثبوته في العالم الفاسق يكون هزلا. وان شئت قلت : ان الفعل الّذي يضاف إليه الجد والهزل ليس هو الكلام بما هو تلفظ بل بما هو سبب للكشف عن ثبوت مدلوله ، فإذا كان له مداليل متعددة بمقتضى انحلالية العموم فلا محالة هناك تسببات عديدة من قبل المتكلم ، وظاهر حاله ان كل واحد منها انما صدر منه على وجه الجد وثبوت ذلك المدلول واقعا بحسب نظره سواءً كان مدلولا إنشائيا أو إخباريا.
وهذا الكلام وان لم يكن برهانا على الانحلالية ولكنه يكفي لإبطال الإشكال الحلي المتقدم وتخريج ما نحس به وجدانا من انحلالية الظهور في الجدية ، ومنبه هذا الوجدان ما نستشعره من مزيد العناية والمخالفة للظهور فيما إذا لم يكن المتكلم جادا في شيء من مدلول كلامه ، فانه لا إشكال في انه أكثر مخالفة للجدية عما إذا كان جادا في جزء من مدلول كلامه.
واما النقض بالأعداد وشبهها فيمكن ان يدعى في وجه التفرقة بينها وبين العمومات ان الظهور في الجدية يبتلي بالإجمال في أمثال هذه الموارد باعتبار شيء يشبه إلى حد ما مسألة وحدة السياق ، فان كون تمام العدد أو كلا الفردين في المثنى ملحوظا بذاته وبنحو صريح في سياق واحد يؤدي إلي سريان الهزل الثابت في بعضها إلى الباقي بحيث لا يبقى أصالة الجد على حجيتها في نظر العقلاء لازدياد درجة احتمال الهزل بذلك كما هو واضح.
وهذا انما يصح في موارد يكون الكلام فيها كالصريح في العموم وشمول هذا الفرد لا مجرد ظهور في العموم بحيث يحتمل فيه أن يكون عدم استثناء ذلك الفرد المخصص من جهة الغفلة عنه ، وإلاّ تبقى أصالة الجد على حجيتها ولا تضر معه وحدة السياق بالمعنى المتقدم ، إذ