المخصص المجمل فانه لو فرض انفصال المخصص المجمل أمكن التمسك بالعامّ في الفرد الاخر لأنَّ المحذور في التمسك به انما كان وجود العلم الإجمالي بالتخصيص المستلزم لعدم جواز التمسك بالعامّ في أحد طرفيه بالخصوص لكونه ترجيحاً بلا مرجح إلا انَّ هذا المحذور ينحل بمجيء المخصص التعييني ومعه يصح التمسك بالعامّ في الفرد الاخر لتمامية المقتضي وهو الظهور وفقدان المانع.
وامَّا إذا فرض اتصال المخصص المجمل فبما انَّ الإجمال حينئذٍ في أصل الظهور فلا يحرز المقتضي في الفرد الاخر ليتمسك به ولو فرض انحلال العلم الإجمالي بالتخصيص لأنَّ المفروض اتصال المخصص ومعه يكون احتمال التخصيص كافياً في إجمال الظهور كما هو واضح.
والمثال من الفقه الّذي يمكن أَنْ نسوقه لهذه الثمرة ما إذا فرضنا جريان استصحاب النجاسة في أحد طرفي العلم الإجمالي بنجاسة أحد الإناءين فانَّ دليل الاستصحاب يكون بمثابة مخصص لعموم دليل قاعدة الطهارة في ذلك الطرف المبتلى بمخصص إجمالي وهو حكم العقل أو العقلاء بعدم جواز الترخيص في المخالفة القطعية ، فانَّ هذا المخصص إذا فرض حكماً عقلياً نظرياً ـ كما هو المشهور ـ فيكون مخصصاً منفصلاً مجملاً دائراً بين متباينين ، وإِنْ فرض حكماً عقلائياً أو عقلياً بديهياً كان بمثابة المخصص المتصل المجمل. فحينئذٍ قد يقال بأنه على التقدير الثاني لا يمكن إجراء قاعدة الطهارة في الطرف الاخر لعدم تمامية مقتضي دليل الأصل فيه لإجمال الظهور ذاتاً.
ولكن الصحيح عدم تمامية هذه الثمرة وجريان القاعدة في الطرف الاخر من المثال الفقهي المذكور على كل حال وذلك بناءً على ما تقدم من صحة التمسك بالعامّ في موارد إجمال المخصص وتردده بين المتباينين بعنوان غير معلوم التخصيص بالإجمال (١).
__________________
(١) هذا العنوان مجرد مشير إلى واقع الظهور وليس ظهوراً ثالثاً وهو محتمل الانطباق على ما خرج بالمخصص التفصيليّ المتصل أو المنفصل فيكون على الأول تمسكاً بظهور محتمل وعلى الثاني تمسكاً بظهور مردد بين ما هو حجة وما ليس بحجة وكلاهما غير جائز فلا يقاس بما إذا لم يكن إلا المخصص الإجمالي ، وعليه فيتعين أنْ يكون الحجية في هذه الحالة بالنحو المتقدم في حالة عدم التعين الواقعي أي التبعيض في الكاشفية فإذا لم نتعقله أصبحت هذه الثمرة صحيحة تامة.
ثم انه يمكن تصوير هذه الثمرة فيما إذا فرضنا اتصال المخصص التفصيليّ فانه إِنْ كان المخصص التفصيليّ فانه إنْ كان المخصص الإجمالي متصلاً أوجب الإجمال لكونه من مصاديق احتفاف الكلام بما يحتمل قرينيته وإخراج الفرد الاخر ولا يوجد ظهوران لكي يبعض في الحجية بينهما بخلاف ما إذا كان منفصلاً.