بالقرشي الّذي لا يكون زيداً لا محالة إذ لا يمكن أَنْ تجتمع القضية الشرطية المستفادة من عموم العام بالنسبة لهذا الفرد مع القضية الشرطية المستفادة من إطلاق الدليل الخاصّ لما إذا كان هذا الفرد قرشياً ، وبما انَّ الدليل الخاصّ مقدم على العام فلا محالة يكون التخصيص متعيناً ومعه لا يمكن التمسك بأصالة العموم لنفيه.
وهكذا يتضح انه لا دلالة للعام أو المطلق بحسب الحقيقة على نفي التخصيص في الخطابات المتعارفة ، نعم إذا كان الخطابان أو أحدهما مجعولين على نهج القضايا الخارجية فلا يبعد صحة التمسّك بالدلالة المنعقدة حينئذٍ لكون الخطاب ناظراً إلى الوضع الخارجي للأفراد فلو قال ( أكرم كلّ جيراني ) وثبت بعد ذلك عدم وجوب إكرام زيد فلا يبعد صحة استكشاف عدم كونه من جيرانه عرفاً وترتيب آثار ذلك عليه من نفس الخطاب العام (١).
__________________
(١) هذا لا يتم في موردين حينئذٍ بحيث لا بد من استثنائهما.
ألف ـ ما إذا كان العنوان الوارد في الخطاب العام امراً شرعياً في نفسه كعنوان النجاسة في منجسية الماء المتنجس فانه في مثل ذلك لا ينعقد إطلاق لدليل عدم انفعال ملاقي ماء الاستنجاء لما إذا كان الماء نجساً أيضاً واقعاً إذ لعل الخطاب الخاصّ من هذه الناحية قضية خارجية لا حقيقية إذ لعل المولى انما أطلق الخطاب من هذه الناحية لإحرازه كون ماء الاستنجاء طاهراً ، وهذا عين الاستثناء الّذي تقدم في بحث عدم جواز التمسك بالعامّ في الشبهة المصداقية.
ب ـ أَنْ يكون موضوع العام من الأمور التي على تقدير تحققها في موضوع تكون ثابتة ولا تكون متغيرة ومتواردة كعنوان القرشية مثلاً فانَّ قرشية زيد إذا كانت ثابتة فهي ثابتة منذ البداية وإلى النهاية فانه في مثل هذه العناوين لا ينعقد إطلاق في دليل نفي الحكم عن زيد لما إذا كان قرشياً أو لم يكن إذ ليست حالتي القرشية وعدمها كالعلم والجهل أو العدالة والفسق حالتين متواردتين على زيد لكي ينعقد إطلاق في الدليل بنحو القضية الحقيقية من ناحيتهما إذ لا حاجة إلى البيان لكي يجب أَنْ يبين على تقدير التقييد ثبوتاً ومع عدم انعقاد الإطلاق المذكور لا يثبت التخصيص كما هو واضح والحاصل الدليل الخاصّ في مثل هذين الموردين لا يكون فيه ظهور عادة في كونه على نهج القضية الحقيقية لا الخارجية وهذان موردان شائعان في الفقه وليس خلاف المتعارف فالإشكال باقٍ على حاله بحيث لا بدَّ له من حلّ آخر بعد وضوح ان العرف لا يرجع إلى العموم فضلاً عن الإطلاق لإثبات التخصيص ، ولعل الوجه في ذلك ان الخطابات انما تجعل الحكم على تقدير تحقق الموضوع لا أنها تجعل الملازمة بين الحكم والموضوع كقضية خبرية وظاهر المتكلم في الخطابات الإنشائية انه يتصدّى جعل الحكم على تقدير الموضوع فيكون هذا نكتة لجعل الحجية له في الكشف عن الحكم لا عن الموضوع نفياً أو إثباتاً مع فرض معلومية الحكم ، ومن هنا يمكن ان يقال بعدم حجية العام في الخطابات لإثبات التخصص سواءً كانت بنحو القضايا الحقيقية أو الخارجية ، وانما يصح إثبات التخصّص في الخطابات الاخبارية التي تحكي ابتداءً الملازمة بين موضوعين.