الغصب والصلاة ، ببرهان يذكره لإثبات ذلك محصله : انَّ كلاً من العنوانين لا بدَّ وأَنْ يكون منتزعاً من جهة مشتركة محفوظة في موارد الاجتماع والافتراق معاً فلا بدَّ من الالتزام بجهتين في موارد الاجتماع لا محالة وإِلاّ استحال انتزاع عنوانين بينهما عموم من وجه بل صحّ انتزاع عنوان الغصب حينئذ من الصلاة في المسجد وكذلك عنوان الصلاة من الغصب وإنْ كان بغير الصلاة (١) ، والسيد الأستاذ أفاد موقفاً وسطاً بين المحقّق الخراسانيّ والنائيني ( قدهما ) حيث ادعى انَّ إطلاق القول بأنَّ تعدد العنوان لا يوجب تعدد المعنون وكذلك إطلاق القول بأنَّ تعدد العنوان يوجب تعدد المعنون في العامين من وجه كلاهما لا يمكن المساعدة عليه وإِنَّما الصحيح أَنْ يقال : انَّ العنوانين إِنْ كانا من المقولات الحقيقيّة والماهيّات الخارجية فلا محالة يتعدد المعنون بتعدد العنوان إِذ يستحيل أَنْ تكون ماهيّتان لموجود واحد في الخارج بل الوجود الواحد لا تكون له إِلاّ ماهية واحدة ، وإِنْ كان العنوانان من العناوين الانتزاعيّة الاعتبارية فتعددها لا يوجب تعدد المعنون حتى لو كانا عامين من وجه ، وما ذكره المحقّق النائيني ( قده ) من البرهان لا يتمّ فيها لأنَّ العنوان الانتزاعي لا يلزم أَنْ يكون منشأ انتزاعه ماهية واحدة بل قد ينتزع في مورد الاجتماع من ماهية غير التي ينتزع منها في مورد الافتراق (٢).
وهكذا اختلف هؤلاء المحقّقون الثلاث في النتائج تبعاً لاختلافهم في تطبيق تلك الكبرى الكليّة القائلة بأنَّ الميزان في دفع غائلة الاجتماع تعدد الوجود الخارجي وعدمه وسوف يأتي التعرض تفصيلاً لهذه التطبيقات وبراهينها التفصيليّة وانَّما نحن في هذا المقام بصدد ملاحظة أصل تلك الدعوى وما تحتويها من الفكرة الكليّة فنقول :
إنَّ عبارة أنَّ الأحكام تتعلّق بالعناوين بما هي فانية لا بما هي هي وبالمعنى الاسمي على إجمالها صحيحة إِلاّ أنَّ هذا لا يعني انَّ العنوان قنطرة حقيقة توصل الحكم إلى المعنون الخارجي بحيث يستقر عليه فانَّ هذا مستحيل سواءً أُريد به انَّ الحكم
__________________
(١) أجود التقريرات ، ج ١ ، ص ٣٣٧
(٢) نفس المصدر ، ص ٣٣٧ ـ ٣٣٨