عفويّاً وتلقائيّاً يسري من الصورة الذهنيّة والعنوان إلى الخارج أو أُريد به انَّ الصورة الذهنية تكون سبباً لإدراك المولى للخارج فيلقي الحكم عليه ، إذ يرد على الأول : ما تقدّم من الأدلة على استحالة تقوم الحكم بالوجود الخارجي. ويرد على الثاني : انَّ إدراك الخارج غير معقول وانَّما يكون إدراكه بإدراك الصورة الذهنية وبعنوان دائماً ، وليس معنى الفناء في الخارج انَّ الصورة الذهنية تكون سبباً وعلّة لإدراك الخارج بنحو الحيثيّة التعليليّة وانَّما معنى الفناء والإفناء انَّه لا يوجد لدى المولى الحاكم إِلاّ الصورة الذهنية بالنظر التصديقي ويكون هذا الشيء الحقيقي هو الفاني وهو المفني فيه لا انَّه فان في شيء آخر لدى المولى ، بل الجهة الفانية من هذا الشيء هو الصورة بالحمل الشائع والجهة المفني فيها هي الصورة بالحمل الأوّلي. وبعبارة أخرى. انَّ المفني فيه بالذات الحقيقي هو نفس الصورة الذهنية لا الخارج وليس الخارج إِلاّ المفني فيه بالعرض كما هو واضح.
فالتعابير بالفناء والآليّة والقنطرة إلى الخارج ونحو ذلك من التعابير ليس إِلاّ بمعنى انَّنا ننظر إلى الصورة الذهنية لا بحقيقتها الواقعيّة بل بعنوانها وما يتوهّم من خلالها. وهكذا يتّضح : انَّ كون الأحكام متعلقة بالصورة الذهنية بما هي فانية في الخارج لا يعني عروضها وتعلّقها بالخارج بل يعني انَّها تتعلّق بالصورة بما هي ترى عين الخارج إِلاّ أنّ كونها ترى عين الخارج بالنظر التصوري لا يعني تعلقها بالخارج حقيقة.
وبهذا يتّضح أيضا انَّه يجوز تعلّق الأمر والنهي بالعنوانين وإِنْ كان الوجود الخارجي ( المعنون ) لهما واحداً لأنَّ متعلّق الأمر والنهي الصورة الذهنية بالنظر التصوّري وهو متعدد بنفس تعدد العنوان بالنظر التصوّري لأنَّه بحسب النّظر التصوّري يرى امران في الخارج إِذ ليس معنى لحاظهما خارجيين لحاظ الوجود الشخصي في الخارج بل لحاظ نفس الطبيعة والعنوان في الخارج وهما متعددان بحسب الفرض.
وهكذا نصل إلى انَّ تعدد العنوان بحسب النّظر التصوّري الّذي هو ظرف عروض الحكم يكفي لدفع غائلة التضاد بالذات بين الأمر والنهي في هذا الشقّ كما كان كذلك في الشقّ الأول ـ أي ما إذا كان الأمر بالجامع والنهي عن الحصّة ـ.