معرض التخصيص فانَّ التخصيص بالمنفصل والاعتماد على القرائن المنفصلة وإِنْ كان امراً عرفياً إِلاَّ انه على خلاف الأصل بحيث يكون احتماله عادة ضعيفاً لا ما إذا كانت طريقة المتكلم في مقام البيان اعتماد القرائن المنفصلة غالباً أو كثيراً. وإلا فلم ينعقد منهم سيرة على العمل بالعامّ لكي يكون دليلاً على ذلك ، والسيرة المتشرعية وإِنْ كانت على العمل بالعمومات الصادرة من الشارع إِلاَّ انه لم يعلم قيامها على العمل بها قبل الفحص عن المخصصات إِنْ لم يدَّع الجزم بعدم العمل بها كذلك فالقدر المتيقن منها هو العمل بعد الفحص وعدم الظفر بالمخصص ، نعم الشخص المخاطب بالعامّ في مجلس الإمام عليهالسلام كان العام حجه له على كلّ حال لكونه وظيفته الفعلية ولو للمصلحة ثانوية ، وبما انَّ السيرة دليل لبّي فيقتصر فيه على القدر المتيقن وهو ما ذكرناه.
وهذا التقريب مبني على إثبات الأصل الموضوعي المفترض فيه وهو قصور السيرة العقلائية عن شمول العمومات قبل الفحص إذا كانت في معرض التخصيص وهذا ما يمكن أَنْ يذكر في سبيل إثباته تارة : بأنَّ المستفاد من طريقة الشارع وديدنه إلغاء الفواصل الزمنية بين العام والمخصصات بحيث يُعَد المخصص المنفصل متصلاً بالعامّ وقد تقدم انه مع احتمال المخصص المتصل لا يكون العام حجة ما لم ينف ذلك بشهادة الراوي وهي لا يمكن أَنْ تكون عادة إِلاَّ بلحاظ ما يصدر من الكلام في مجلس واحد ومعه سوف يبتلي العام بالإجمال كلما احتمل في حقه وجود مخصص منفصل من هذا القبيل.
إلا انَّ هذا الكلام غير تام ، لأنَّ مجرد كثرة ورود المخصصات وكون ديدن الشارع على ذلك لا يعني تنزيل المخصص المنفصل منزلة المخصص المتصل في الآثار كما لا يوجب إلغاء الفواصل الزمنية حقيقة ، فلا محالة ينعقد الظهور العرفي في العموم. على انَّ تلك المرتبة المفترضة من المعرضية للتخصيص قابل للمناقشة في حصولها بالنسبة لكلمات وبيانات الشارع نفسه إذ لعلّ كثيراً مما نجده من المخصصات المنفصلة نشأت نتيجة عدم دقة النقل أو كونه بالمعنى لا باللفظ فهذا البيان مخدوش كبرى وصغرى.
وأخرى يقرب ذلك : بأنه يكفي في قصور المقتضي للحجية عقلائياً وإِنْ كان