الظهور موجوداً ومنعقداً عدم معهودية هذا النحو من الظهورات لدى العقلاء بحيث يعتمد صاحبه على قرائن منفصلة ومعه لا يبقى دليل غير السيرة المتشرعية وقد عرفت اختصاصها بما بعد الفحص.
وهذا الكلام أيضاً كأنه يتناسب مع مسلك المحقق الأصفهاني ( قده ) وتفسيره لمعنى السيرة العقلائية : حيث يفترض انَّ الدليل اللبّي ما وقع خارجاً وسلكه العقلاء في مقام العمل بنحو القضية الخارجية الفعلية ولم يردعهم الشارع ، وامّا بناء على ما هو الصحيح من انَّ الإمضاء وعدم الردع ينصب على المضمون والمحتوى العقلائي لسلوك العقلاء والّذي قد يفترض انه أوسع مما أُتيح لهم سلوكه خارجاً فالدليل يكون هو النكتة والمنظور العقلائي المستكشف من خلال تلك السيرة فمجرد أن العقلاء خارجاً لم يعتمدوا التخصيص المنفصل كثيراً أو لم يجزم بذلك في حقّهم لا يكفي لإثبات قصور المقتضي بعد ان كان الظهور الّذي هو ملاك الحجية العقلائية محفوظاً في المقام.
وثالثة يقرب ذلك : بأنَّ ملاك الحجية العقلائية ينثلم بمعرضية العام لورود المخصص عليه لحصول وهن وضعف في درجة الكاشفية والإدانة والمسئولية في أمثال ذلك.
وهذا البيان لو أريد منه دعوى ينتج عدم الحجية قبل الفحص فقط بحيث يعود ملاك الحجية العقلائية بعد أَنْ فحص ولم يجد مخصصاً كان رجوعاً إلى الوجه القادم ، وإِنْ أُريد منه انَّ المعرضية توجب ارتفاع الملاك رأساً بحيث لا يبقى حجة عند العقلاء حتى بعد أَنْ يفحص ولا يجد مخصصاً ، ولهذا يحتاج في ذلك إلى الرجوع للسيرة المتشرعية فهذا غير صحيح بحسب الظاهر فانَّ ملاك الحجية العقلائية كما أشرنا إليه عبارة عن انعقاد ظهور في كلام المولى بنحو يجعله مسئولاً في عالم المولوية والعبودية عمّا قاله وهذا محفوظ حتى إذا احتمل المخاطب ورود مخصص لم يجده فمجرد هذا الاحتمال لا يزيل ملاك الحجية العقلائية.
٢ ـ النحو الثاني لتقريب هذا الوجه أَنْ يقال ابتداءً بأنَّ السيرة العقلائية لا تقتضي أكثر من حجية العمومات بعد الفحص عن مخصصاتها إذا كانت في معرض التخصيص لتمامية ملاك الحجية بعده ـ كما أشرنا إليه الآن ـ بخلاف ما قبل الفحص