أحدهما ـ بلحاظ الموضوع حيث انَّ الأصل في طرف الموضوعات أَن يكون الحكم شموليا بلحاظها إِلاَّ إذا كان الموضوع منونا فيصير الإطلاق بدليا حينئذٍ من جهة دلالة التنوين على قيد الوحدة.
الثاني ـ بلحاظ المتعلق حيث انَّ الأصل فيه أَن يكون الحكم بدليا إِلاَّ في متعلقات النواهي حيث يستفاد منها انَّ كل فرد من المتعلق موضوع مستقل للحرمة بحيث توجد أحكام عديدة بلحاظ كل واحد منها فلو عصى وشرب خمرا معينا بقيت الحرمة على الافراد الأخرى. وهذه الدلالة بحسب الحقيقة دلالة تصديقية قائمة على أساس مناسبة عرفية وهي غلبة انحلالية المفسدة بحيث يكون كل فرد من الحرام واجدا للمفسدة مستقلا عن فعل الاخر وتركه.
التنبيه الرابع ـ في الانصراف وهو عبارة عن أنس الذهن بمعنى معين مما ينطبق عليه اللفظ ، وهو على أقسام ثلاثة :
١ ـ الانصراف الناشئ من غلبة الوجود كما إذا كان بعض افراد المطلق وحصصه أغلب وجودا من حصصه الأخرى ، فقد توجب هذه الغلبة في الوجود أنس الذهن مع تلك الحصة الغالبة. وهذا النحو من الانصراف انصراف بدوي لا أثر له ولا يهدم الإطلاق لأنَّ فهم ذلك المعنى الخاصّ ليس مسببا عن اللفظ ومستندا إليه لكي يكون مشمولا لدليل حجية الظهور وانما هو بسبب غلبة خارجية ولا دليل على حجيته. اللهم إِلاَّ إذا كانت الندرة بدرجة بحيث يرى ما وضع له اللفظ ليس مقسما شاملا لما ينصرف عنه ويكون هذا بحسب الحقيقة من نشوء ضيق وتحديد في المدلول.
٢ ـ الانصراف الناشئ من كثرة استعمال اللفظ في حصة معينة مجازا أو على نحو تعدد الدال والمدلول فانَّ ذلك قد يوجب شدة علاقة وأنس بين اللفظ وبين تلك الحصة وهذا أنس لفظي لا خارجي لأنه ناشئ من استعمال اللفظ في المعنى وإفادة المعنى به وهو الّذي يؤدي إلى الوضع التعيني إذا بلغ مرتبة عالية كما في المنقول أو المشترك وامّا إذا لم يبلغ تلك المرتبة فلا يتحقق وضع بل مجرد أنس وعلاقة شديدة ، وهذا قد يكون صالحا للاعتماد عليه في مقام البيان فالانصراف بهذا المعنى قد يوجب الإجمال وعدم تمامية الإطلاق.