الجهة الثانية ـ في طريق إثبات فعلية الملاكين في مورد الاجتماع ، ولا إشكال في انه لو وجد دليل خاص على ذلك أو قيل بالجواز أمكن إثبات ذلك تمسكاً بدلالة الدليل الخاصّ أو إطلاق دليل الأمر.
كما انه لو فرض انَّ مفاد دليل الوجوب هو الحكم الاقتضائي لا الفعلي أمكن التمسك به في مورد النهي لعدم المنافاة بين مدلوله مع الحرمة.
نعم يقع التزاحم بين الاقتضاءين في الفرض الأول والثالث بخلاف الفرض الثاني الّذي ليس فيه تزاحم ولا تعارض ، وهذه الحالات الثلاث ذكرها صاحب الكفاية أيضاً.
وامّا إذا كان مفاد الدليل الحكم الفعلي وقلنا بالامتناع فقد ذكر صاحب الكفاية فيه : أنّه لا سبيل إلى إثبات المناطين لوقوع التعارض بين دليل الأمر مع دليل النهي في هذه الحالة وبعد التساقط لا يبقى دليل يمكن أَنْ نثبت به الملاك.
وقد علّق على هذه الحالة المحقق الأصفهاني ( قده ) : بإمكان إثبات الملاك بأحد طريقين : (١)
الأول ـ التمسك بالدلالة الالتزامية لدليلي الأمر والنهي على الملاك بعد سقوط دلالتهما المطابقية على الخطاب في مورد الاجتماع.
وهذا الكلام مبني على أصل سيال في موارد كثيرة هو عدم تبعية الدلالة الالتزامية للمطابقية في الحجية ، والصحيح هو التبعية على ما ذكرناه مراراً.
على انّه لو فرض ذلك لم يختص ذلك بالمقام بل صح في ساير موارد التعارض ، كما إذا قال صلِّ ولا تصلِّ ، فانه أيضاً يمكن أَنْ يكون في كل من الفعل والترك ملاك أو محبوبية ومبغوضية شأنية كمورد الاجتماع مع انّه لا يلتزم به أحد (٢).
__________________
(١) نهاية الدراية ، ج ٢ ، ص ٢٦٧
(٢) يمكن دعوى الفرق من ناحية انه في موارد التعارض غير المستقر يكون المخصص أو المقيد قرينة على عدم الإرادة وعدم حيثية الحكم في مورد التقييد والتخصيص أو ما بحكمها ولهذا لا ينعقد أصل الظهور في ذلك على تقدير الاتصال.
وامّا في موارد التعارض المستقر سواء كان بنحو التباين أو العموم من وجه من قبيل أكرم العالم ولا تكرم الفاسق ـ لا من قبيل أكرم عالماً ولا تكرم الفاسق فانه من الأمر بصرف الوجود والنهي عن الفرد وهو داخل في مسألتنا كما تقدم ـ فتارة : يكون التنافي بين الدليلين بنحو النفي والإثبات ، كما إذا دلَّ أحدهما على وجوب شيء والاخر على عدم وجوبه ، وأخرى : يدل أحدهما على