الرسائل لا تتم دلالة شيء منها إثبات هذا التقييد ، لأن تلك الروايات لا تخلو من أحد أمور ثلاثة. فانها اما أن تكون مسوقة لبيان عدم جواز التعويل على الأدلة العقلية الظنية التخمينية والتي كان يدور عليها رحى الاستنباط عند جمهور العامة وأهل الرّأي منهم فشدد الأئمة عليهمالسلام النكير على من كان يعول عليها وهذا هو النزاع الأول الّذي تقدم انه خارج عن محل الكلام ـ واما أن تكون دالة على اشتراط الولاية في صحة العمل وانه من دون معرفة الإمام عليهالسلام لا تقع الأعمال صحيحة ـ وهذا أيضا أجنبي عن محل الكلام لأنه إضافة شرط جديد في صحة العبادة وهو الإيمان كشرطية الإسلام واما أن تكون ناظرة إلى التأنيب على ترك الفحص في الأدلة الشرعية والتوغل في الأدلة العقلية بسرعة وقبل مراجعة الشارع ، كما لعله المستظهر من رواية أبان المشهورة والصحيحة سندا ـ رغم ما قيل من ضعف سندها ـ فانها ناظرة إلى هذا المعنى عند ما تسرع أبان إلى القطع بالحكم الشرعي بينما لو كان قد فحص ودقق أكثر لزال القطع المذكور كما هو الحال في كل جاهل يراجع العالم ، وهذا هو ما يعبر عنه بالتقصير في المقدمات. وهذا أيضا أجنبي عن محل الكلام.
اذن فالروايات المذكورة على الإجمال كلها أجنبية عن محل الكلام واما تفصيل الكلام فيها واستعراضها كل واحدة منها مع التعليق عليها فيخرجنا عن طبيعة البحث الأصولي.
واما ثبوتا ـ فيرد عليه : أولا ـ ان هذه الوجوه غايتها جعل النزاع بين الطرفين نزاع تخطئة لا نزاع اتهام ، بمعنى ان من يحصل له القطع من دليل عقلي يكون قطعه حجة ومنجزا عليه غاية الأمر يكون في نظر الاخباري مثلا مشتبها إذ لا حكم في حقه نظير النزاع في شرطية شيء أو جزئيته بين فقيهين فلا يثبت تقصير لا في النتائج ولا في المقدمات.
وثانيا ـ ان فرض ضيق الجعل وتقيده بعدم العلم العقلي انما يجدي في التخطئة في الأحكام التي يجعلها الشارع ابتداء لا الحكم الشرعي المستكشف بالدليل العقلي فانه بحسب الفرض لا إشكال في كاشفية الدليل القطعي وانما يراد دعوى ضيق الجعل المستكشف ومع فرض تمامية الكاشفية لا يعقل ضيق الجعل فان هذا خلف