صدق مدعي النبوة لمجرد جريان المعجزة على يديه.
وهذا النقض أيضا واضح الجواب : فانه يرد عليه :
أولا ـ ان دلالة المعجزة على النبوة يستحيل أن تتوقف على هذه المقدمة العقلية أعني قبح الكذب والتغرير ، لأن المعجزة ان كانت بقطع النّظر عن قبح الكذب والتغرير دالة على نبوة من جرت على يديه فهذا معناه عدم الحاجة في إثبات النبوة إلى مقدمة عقلية كهذه ، وإن كانت لا تدل على ذلك إلا بضم هذه المقدمة العقلية أي انها بقطع النّظر عن كبرى قبح الكذب لا تدل على نبوة مدعيها فسوف لا تدل على ذلك حتى بعد الاعتراف بهذه الكبرى لأن كبرى قبح الكذب لا تحقق صغراها إذ لا بد من كذب وكشف عن النبوة ليقال بقبحه والمفروض انه لا دلالة ولا كشف لمجرد ظهور إعجاز على يد النبي.
والحاصل : ان توقف دلالة المعجزة على نبوة مدعيها على كبرى عقلية هي قبح الكذب وإظهار خلاف الواقع تغريرا للناس دوري لأن فعلية الكبرى المذكورة فرع فعلية الدلالة والكشف ليكون كذبا فيستحيل أن تكون فعلية الدلالة متوقفة على فعلية الكبرى.
اللهم إلا أن يقال : بأنه يكفي في موضوع الكبرى العقلية التغرير بحسب فهم العوام ، وظهور المعجزة عند العوام له دلالة على النبوة في نفسه وهذه الدلالة وان لم تكن عقلية وبرهانية وتامة بالدقة ولكنها بضمها إلى الكبرى العقلية يتشكل دليل فني على النبوة. إلا ان للأخباري أن يقول حينئذ بأننا نكتفي بالدلالة العرفية ونطمئن إليها في إثبات النبوة ولا نحتاج إلى غيرها.
وثانيا ـ بالإمكان استبدال قضية قبح الكذب والتغرير إلى قضية عقلية نظرية هي منقصة الكذب وهي منفية عن الواجب سبحانه وتعالى على حد نفي العجز عنه ، وبهذا يمكن لمن ينكر خصوص العقل العملي أن يعتمد على هذه المقدمة لإثبات النبوة ويبقى بعد ذلك البحث عن كيفية تحويل القضية العملية إلى قضية نظرية وهو خارج عن هذا البحث.
وثالثا ـ ان خصوص نبوة نبينا محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يحتاج إثباتها إلى المقدمة المذكورة لأن