تقدير وجوده وبإزائه بما هو فرد لا صورة تتطابق مع الجامع وبإزاء الحيثية الخارجية المشتركة على تقدير وجودها ، إلا ان هذه الصورة الذهنية للفرد حيث انها إجمالية أي انكشافها مشوب بالإجمال وليس واضحا فيمكن أن يجعل بإزاء كل من الفردين في مورد عدم تعين المعلوم بالعرض واقعا كما ان الجامع المعلوم بالذات يمكن أن يجعل بإزاء الحيثية المشتركة في كل من الفردين أي بإزاء كل من الحيثيتين الخارجيتين التي تكون إحداهما معلومة بالعرض لا كليهما بحسب الفرض. وإن شئت قلت : انه كما يوجد فردان في الخارج كذلك يوجد جامعان فان نسبة الكلي إلى افراده في الخارج نسبة الآباء إلى الأب الواحد وكما يقال ان أي الفردين معلوم كذلك يمكن ان يقال ان أي الجامعين الخارجيين معلوم وبإزاء الصورة الذهنية.
والمحقق الأصفهاني ( قده ) كأنه يظهر من مجموع كلماته البرهنة على إبطال هذا الاتجاه بما حاصله : ان الصورة الذهنية للفرد هل يكون حدها الشخصي داخلا فيها أولا؟ والأول معناه العلم بالحد الشخصي أيضا وهو خلاف الوجدان وإلا كان علما تفصيليا. والثاني لا فرق بينه وبين الجامع إذ لا نريد به إلا الصورة المعراة عن الحدود الشخصية.
والجواب : ان الفرق بحسب مدعى أصحاب هذا الاتجاه من ناحية نفس العلم لا المعلوم وعليه فالمعلوم صورة الفرد بحده الشخصي إلا انه مع ذلك ليس كالعلم التفصيليّ لأن العلم والانكشاف مجمل مخلوط فيه بحيث لا تتميز فيه الخصوصيات ولا تحكى بالجانب التوضيحي من العلم والانكشاف.
والتحقيق أن يقال : انه بالإمكان الجمع بين هذه الاتجاهات الثلاثة ودفع الإشكالات عنها جميعا في نظرية واضحة محددة صحيحة لتفسير حقيقة العلم الإجمالي يكون كل واحد من هذه الاتجاهات الثلاثة قد لاحظت جانبا منها وتوضيح ذلك يتوقف على بيان مقدمة حاصلها : ان ما قرأناه في المنطق من انقسام المفاهيم إلى كلية وجزئية لا ينبغي أن يراد ما هو ظاهره من ان المفهوم الجزئي يمتاز على الكلي في أخذ الخصوصية الزائدة على الجامع مع الجامع ، بل من هذه الناحية لا يكون المفهوم إلا كليا لأن أي قيد وخصوصية لو لاحظناها فهي خصوصية كلية في نفسها قابلة للصدق