متفقون على ان العلم الإجمالي ينجز ما تعلق به وانما الاختلاف في انه قد تعلق بالجامع حتى يجوز الترخيص في بعض الأطراف أو بالواقع حتى لا يجوز ذلك ولهذا من قال بتعلقه بالجامع أيضا يقبل العلية في منجزيته للجامع فلم يجوز الترخيص في مخالفته بالترخيص في تمام الأطراف.
وهذا الكلام أيضا بظاهره لا يكون برهانا لأن القول بمنجزية الواقع أيضا يستبطن منجزية الجامع ضمنه فحينئذٍ يمكن أن يقال بان هذه المنجزية بلحاظ الجامع على نحو العلية وبلحاظ الخصوصية الواقعية اقتضائي.
واما الموقف النقضي للاتجاهين فلكل من العلمين نقض على الآخر فالمحقق النائيني ( قده ) ذكر بأن حال العلم الإجمالي لا يكون بأشد وأفضل من التفصيليّ مع أنه لا إشكال في إمكان إجراء الأصل فيه في موارد الشك في امتثاله كما في القواعد الظاهرية كالفراغ والتجاوز.
وقد حاول المحقق العراقي ( قده ) الدفاع عن مسلكه والإجابة على هذا النقض بأنه خلط بين الأصل في مرحلة امتثال التكليف والأصل في مرحلة ثبوت التكليف ، فان قاعدة الفراغ تعبدنا بان العمل المأتي به امتثال ومواقفة للأمر وبذلك نكون قد أحرزنا الموافقة القطعية للتكليف المعلوم تعبدا وهو كالإحراز الوجداني لها وأين هذا من جريان أصل نافي للتكليف في أحد أطراف العلم الإجمالي ، نعم هذا يتم لو قامت أمارة على أحد الطرفين حيث انها تدل بالالتزام على ان الواقع في الطرف الاخر. وفي فوائد الأصول تقريرا لمطالب المحقق النائيني ( قده ) تعرض لهذا المطلب فذكر تارة ان العلم الإجمالي لا ينجز أكثر من الجامع فيجوز الترخيص في بعض الأطراف وهذا يطابق المسلك الثاني المستفاد من أجود التقريرات ، وذكر مرة أخرى بعد ذلك وكأنه يقرر للمحقق العراقي لا النائيني ( قده ) فيقول وإن شئت قلت : ان العلم الإجمالي باعتباره ينجز التكليف فلا بد من موافقته القطعية اما وجدانا أو تعبدا وجريان الأصل حتى النافي في أحد الطرفين يدل بالالتزام على جعل الطرف الاخر بدلا عن الواقع
المعلوم بالإجمال. وهذا الكلام انما هو جري على مسلك العلية في تنجيز العلم الإجمالي كما هو واضح.