الثانية ـ اننا نفرض قيام دليل قطعي على جعل الحكم الظاهري ونقصد به الحكم المجعول في مورد الشك أو الظن إِلاَّ انَّ مجرد هذا لا يوجب ارتفاع موضوع أصالة الإمكان كما أفيد في الاعتراض الأول. لأنَّ محذور الامتناع والإمكان ليس في جعل هذا الحكم بحسب الحقيقة بل في الجمع بينه وبين الحكم الواقعي فغاية ما يلزم من قطعية دليل هذا الحكم المجعول هو القطع بثبوت أحد الحكمين وهو الحكم الثابت بعنوان الظن أو الشك وامّا كونه واقعياً أو ظاهرياً بمعنى انه في مورده حكم واقعي مضاد أو مماثل فلا يثبت من هذا الدليل لكي يقال بأنه قد ثبت الإمكان بلا حاجة إلى أصالة الإمكان وانما نثبت ذلك ببركة أصالة الإمكان بمعنى إطلاقات أدلة الأحكام الواقعية ، وهذا الإطلاق مقطوع الحجية بحسب الفرض وانما الشك في إمكان مدلوله واستحالته فيكون من موارد صحة كلام السيد الأستاذ الّذي تقدم في معنى أصالة الإمكان.
ومنه يظهر التعليق المناسب على الاعتراض الثالث الّذي أفاده صاحب الكفاية ( قده ) بالبيان الّذي نحن تممناه به من انَّ هذه السيرة العقلائية بالخصوص لا يعقل القطع بإمضاء الشارع لها. فاننا نفترض القطع بالإمضاء وغاية ما يلزم منه القطع بجعل أصالة الإمكان كحكم شرعي ولكنه لا يعني القطع بالجمع ـ إذ لعله جعل واقعي لا ظاهري ـ وانما نثبت ذلك بإجراء أصالة الإمكان بالمعنى الآخر أي التمسك بإطلاقات أدلة الأحكام الواقعية لأن المفروض انَّ الظهور حجة بقطع النّظر عن مسألة الإمكان والّذي أثبتناه بأصالة الإمكان القطعية.
نعم لو كان مقصود صاحب الكفاية ( قده ) انه لا موجب لحصول القطع بالإمضاء لأنَّ القضية ليست شائعة ذائعة حتى يحصل القطع بالإمضاء فهو كلام آخر وجيه في نفسه.
وامّا الاعتراض الثاني في صغرى السيرة العقلائية على أصالة الإمكان ففي كل
__________________
استكشاف إمضاء الشارع للسيرة القائمة على حجية الظنّ في المقام يكون موقوفاً على انتفاء احتمال الاستحالة لا انتفاء الاستحالة واقعاً وثبوت الإمكان ليمكن ان يستعان بأصالة الإمكان لتتميم دليلية السيرة.