وهذا يختلف باختلاف الظروف والملابسات والإمام عليهالسلام بوصفه له مقام التبليغ والمسئولية في أداء الأحكام يكون لسكوته ظهور حالي يشبه ظهور سكوت الأب عن تصرف ابنه في الكشف عن موافقته عليه ، وهذا الظهور الحالي إِنْ بلغ مرتبة اليقين كان حجة بلا كلام وإلاّ احتيج في إثبات حجيتها ضمّ كبرى حجية الظهور حتى إِذا كان حالياً. ومنه يظهر انَّه لا يمكن بهذا الظهور ـ إذا لم يكن قطعيّاً ـ تتميم الاستدلال بالسيرة على حجية الظهور نفسه.
النقطة الثانية ـ إثبات الشرطية الثانية ومحصلها : انَّ عدم وصول الردع كاشف عن عدمه ثبوتاً وملاك ذلك انَّ الردع عن كلّ سيرة المقابل للسكوت عنها يتحدد حجمه ومقداره وعمقه بمقدار أهمية تلك السيرة ومدى تركزها وسعتها فردع المعصوم عليهالسلام عن عمل شخصي من قبل مكلَّف على خلاف الموازين يمكن أَنْ لا يصل إِلينا إِذ ليست كلّ واقعة واقعة لا بدَّ وأَنْ تصل إِلينا إِلاّ انَّ الردع عن تصرف نوعي للجمهور في مختلف الأحوال لا بدَّ فيه من تكرر الردع وتركزه لكي يناسب قوة المردوع ويؤثر أثره في قلع جذوره ، ومثله يولد انتباهاً من المتشرعة في السؤال عن الأئمة عليهمالسلام نتيجة البلبلة والتذبذب الّذي يحصل بالردع في البداية وهذا ينعكس لا محالة في الروايات والآثار المنقولة عنهم لتدلّ على توضيح بطلان مضمون تلك السيرة بنحو بحيث يكون من البعيد جداً بحساب الاحتمالات أَنْ يخفى كلّ ذلك عنّا مع توفر الدواعي على نقلها لكونها قضية تأسيسية تغييريّة مخالفة مع الوضع العام الّذي كان سائداً.
النقطة الثالثة ـ عدم الوصول وهذا يقصد به عدم مطلق الوصول لا خصوص الوصول بخبر صحيح أو موثق فالوصول ولو باخبار ضعاف كاف في عدم تمامية الاستدلال بالسيرة ما لم تنضم عناية زائدة فانَّ ملاك الدلالة والملازمة في الشرطية الثانية انَّما هو حسابات الاحتمال العقلية لا الحجية الشرعية فهي لا تقتضي أكثر من انَّه لو لم يصل ردع أصلاً كان كاشفاً عن عدم وجوده لا انَّه لو لم يصل الردع باخبار الثقات بالخصوص.
ثم انَّ المحقق الأصفهاني ( قده ) في حاشيته على الكفاية اكتفي في حجية السيرة بعدم إحراز الردع وقد ذكر في وجهه انَّ للشارع حيثيتين حيثية كونه عاقلاً من العقلاء