خارجاً من دون جزم لنا بأنَّ هذا العمل هل هو من باب عقلائيتهم أو لأجل تشرعهم وتلقيهم ذلك من المعصومين عليهمالسلام وهذه سيرة متشرعية بالمعنى الأعم. ويقابلهما السيرة العقلائية بمعنى إحراز انَّ الطباع العقلائية لو خليت ونفسها ، تقتضي مطلباً ما ولكن لا يعلم ـ بقطع النّظر عن برهان عدم الردع ـ جريان المتشرعة على طبقه.
وكلا المعنيين للسيرة المتشرعية تكون حجّة بملاك كشف المعلول عن علّته إِلاّ انَّ السيرة بالمعنى الأول أقوى دلالة من المعنى الثاني إذ لا يحتمل فيه أَنْ تكون ناشئة من الطبع العقلائي وانَّما منشأ وقوع الخطأ فيها أَنْ تكون المتشرعة قد أخطأت في تلقّي البيان الشرعي وهو منفي بحساب الاحتمالات على ما تقدّم شرحه ، وامَّا السيرة المتشرعية بالمعنى الثاني الأعم فيحتمل نشوؤها من الطبع العقلائي ، ومن هنا كانت مثل السيرة المتشرعية على الجهر في الصلاة أقوى من سيرتهم على العمل باخبار الثقات في الكشف عن الحكم الشرعي إِلاّ انَّ كلتيهما حجة على كلّ حال بملاك واحد ، لأنَّ النزعة العقلائية وإِنْ كانت تقتضي الجري على طبقها إِلاّ انَّ المتشرعة حيث انَّهم متشرعون فاحتمال انَّهم جميعاً قد غفلوا عن حكم المسألة شرعاً وانساقوا وراء طباعهم العقلائية من دون سؤال واستفسار أو تفهّم للموقف الشرعي ولو روحاً في مسألة داخلة في محل ابتلائهم كثيراً منفي أيضا بحساب الاحتمالات.
وبهذا نختم الحديث عن السيرة.