الوضع أو القرينة العرفية ولهذا لا يشترط فيه إحراز عدم القرينة كما هو واضح.
الثانية ـ إحرازه وجداناً وبالتحليل ، وذلك بملاحظة ما ينسبق من اللفظ إلى الذهن من قبل أشخاص متعددين مختلفين في ظروفهم الشخصية بنحو يطمئن بحساب الاحتمالات انَّ انسباق ذلك المعنى الواحد من اللفظ عند جميعهم انَّما كان بنكتة مشتركة هي قوانين المحاورة العامة لا لقرائن شخصية لأنَّ هذا خلف اختلافهم في الملابسات الشخصية.
ثمّ انَّ هنا سؤالاً آخر وهو : انَّ الظهور الموضوعي الحجة هل هو المعاصر لزمن صدور الكلام أو لزمان وصوله إِلينا فيما إذا فرض اختلاف الزمانين؟ كما في النصوص الشرعية بالنسبة إِلينا ، فانَّ الأوضاع اللغوية بل وحتى الظهورات السياقية التركيبية قد تتغير وتتطوّر بمرور الزمان وإِنْ كان ذلك بطيئاً جدّاً لأنَّ اللغة وما يرتبط بها ظاهرة اجتماعية فتكون متأثرة بطرائق الحياة الاجتماعية المتغيّرة لا محالة.
والصحيح : انَّ الحجية موضوعها الظهور الموضوعي في زمن صدور الكلام والنصّ لا وصوله ، والنكتة في ذلك وفقاً لمنهجنا العام في فهم هذه البحوث انَّ أصالة الظهور ليست تعبدية بل أصل عقلائي مبني على تحكيم ظاهر حال المتكلّم في الكشف عن مرامه ، ومن الواضح انَّ ظاهر حاله الجري وفق أساليب العرف واللغة المعاصرة لزمانه لا التي سوف تنشأ في المستقبل وعليه سوف يقع السؤال عن كيفية إمكان إحراز الظهور الموضوعي حال صدور النصّ مع انَّ غاية ما نستطيع إثباته فعلاً عن طريق الظهور والفهم الذاتي لنا تشخيص الظهور الموضوعي في أزمنتنا لا أكثر وليس موضوعاً للحجيّة.
والمحقّقون قد عالجوا هذه النقطة بأصل عبّروا عنه بأصالة عدم النقل وقد يسمّونه بالاستصحاب القهقرائي لأنَّه يشبه الاستصحاب ولكن مع تقدّم المشكوك على المتيقّن زماناً ، إِلاّ انَّه من الواضح عدم إمكان استفادة حجيّته من دليل الاستصحاب وانَّما هو مفاد السيرة العقلائية وقد اصطلحنا عليه بأصالة الثبات في الظهورات لأنَّ هذا كما أشرنا لا يقتصر فيه على الأوضاع اللغوية بل تشمل الظهورات السياقية التركيبية غير الوضعيّة أيضا.