وامَّا الموضع الثاني ـ فمن قبيل باب مقدمات الحكمة ، فانَّ كبراها وهي عبارة عن ظهور حال كلّ متكلّم في انَّ تمام مرامه بمقدار بيانه مسلمة ، ولكن قد يقع الإشكال في الصغرى وكيفية تطبيق تلك الكبرى ، فمثلاً قد يدعى في باب الشرط انَّ اللزوم له حصّتان لزوم انحصاري وغير انحصاري وانَّ غير الانحصاري محدود ومقيّد بشرط فيكون مقتضى الإطلاق وعدم التحديد إرادة الحصّة الانحصاريّة ، وهذا برهان على صغرى الإطلاق لا أصل الظهور الإطلاقي أو ملاكه كما هو واضح ، وهذا المنهج سليم أيضا ولكن على شرط أَنْ يكون التطبيق قابلاً للإدراك عرفاً وإِلاّ كان هناك أحد أمرين امَّا خطأ في البرهان أو تخصيص في كبرى الظهور بما إذا كان القيد عرفياً ، ومن هنا لا نقول بتمامية هذا البرهان في باب الأوامر حيث ادعي انَّ مقتضي إطلاق الطلب هو الطلب المطلق غير المحدود والاستحباب محدود بحد عدمي وهو قيد عقلاً ، ولهذا قيل في الفلسفة انَّ كلّ ممكن محدود ومقيّد بحدٍّ عدمي إِلاّ انَّ مثل هذه قيود غير عرفية وهذا معناه بحسب الدقة انَّ البرهان يكون مجاله التنبيه إلى صغرى الظهور ، ونظير هذا أيضا الاستمداد بالبرهان لتشخيص مصاديق لإطلاق لا يشك العرف في مصداقيتها على تقدير معرفتها وانَّما لا يعرف المصداق.
وقد يكون التطبيق بلحاظ مدلول التزامي وهذا له باب واسع كما إذا استدلَّ على المفهوم مثلاً بأنَّ ظاهر الشرطية دخل الشرط بخصوصه فإذا قام البرهان على استحالة صدور الواحد من الكثير مثلاً ثبت بالالتزام الانحصار وبالتالي المفهوم ، إذا فرض وجود شرط آخر معناه تأثير الجامع بينهما وهو خلف الظهور المدعى.
وأمَّا الموضع الثالث ـ وهو تشخيص خصوصية في الظهور ، فمن قبيل البحث عن انَّ دلالة الأمر على الوجوب هل تكون بالوضع أو بالإطلاق ومقدمات الحكمة ، فانَّ مثل هذا التشكيك معقول بعد ما عرفنا في أبحاث الوضع انَّ إدراك الظهور الوضعي فرع نفس الوضع والقرن بين اللفظ والمعنى لا العلم به كما انَّ الظهور بالقرينة العامة أو الخاصة فرع واقع وجودها لا العلم بها وبهذا دفعنا إشكال الدور عن علامية التبادر.
وتعيين خصوصية الظهور ونوعه يترتّب عليه آثار في مثل باب التعارض فيكون للصناعة والاستدلال دور في هذا المجال حيث يمكن على أساس المقارنات والملاحظات وإعمال