وفيه : انَّ ظاهر الحديث انَّ موضوع العصمة وملاكها المجموع حيث عبر بأنها لا تجتمع على ضلالة لا انَّ ذلك من باب وجود معصوم بينهم بحيث يكون ضمّ ساير الأقوال إليه من قبيل ضمّ الحجر إلى جنب الإنسان.
نعم قد يقال : انَّ هذه الرواية وإِنْ دلّت على وجود معصوم آخر وهو مجموع الأُمة إِلاّ انَّ هذا لا تتضمن نتيجة مفيدة بالنسبة إلينا لأنَّ مثل هذا المعصوم إحرازه توأم دائماً مع إحراز قول المعصوم الأول وهو الإمام عليهالسلام إذ لو أحرزنا دخوله في المجمعين كفى ذلك في الحجية وإِلاّ فلا يحرز المعصوم الثاني أيضا لأنَّه جزء من الأُمة. اللهم إِلاّ أَنْ يقال بأنَّ ظاهر الذيل ( فعليكم بالسواد الأعظم ) الوارد في الصيغة الأُولى إرادة المعنى العرفي للإجماع لا المعنى الحرفي الدّقيق فلا ينثلم بخروج فرد أو فردين.
والصحيح في المناقشة :
أولا ـ عدم دلالة الحديث على ما يفيد في مسألتنا الأُصولية ، لأنَّ الوارد في الحديث عنوان لا تجتمع على ضلالة ، والضلالة تستبطن الإثم والانحراف وهو أخصّ من الخطأ وعدم الحجية المبحوث عنه في الإجماع فانَّ خطأ المجمعين جميعاً في مسألة فرعية لا تعني ضلالتهم كما هو واضح.
وثانياً ـ ضعف السند لا فقط بلحاظ الأصول الموضوعية المذهبية لنا بل حتى بحسب موازينهم في الجرح والتعديل لأنَّ أبي خلف الأعمي الناقل للصيغة الأُولى قد شهد بضعفه جملة من علمائهم وقال بعضهم انَّ هذا الحديث جاء بطرق في كلّها نظر.
وامَّا الصيغة الثانية ففي سندها قضمضم الّذي هو محل خلاف عندهم من حيث الصحة وعدمها ، وإِنّ شريح الّذي ينقل عنه قضمضم هذا الحديث وإِنْ كان قد شهدوا بوثاقته إِلاّ انَّه قد نقل الحديث عن أبي مالك الأشعري ومن المظنون قوياً انَّه لم يدرك أبي مالك لأنَّه قد شهد في حقّه انَّه لم يدرك سعد بن أبي وقّاص وأبو مالك قد توفي في حياة سعد وهناك من تشكك في أصل رواية شريح مباشرة عن الصحابة فانَّه نقل عن محمد بن عوف انَّه سئل هل سمع شريح عن أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال لا أظنّ ذلك وصرح أبو حاتم انَّ كلّ ما يرويه عن أبي مالك الأشعري فهو مرسل.