الوجه الثاني ـ انَّ حجية خبر الثقة انَّما تكون على أساس كاشفية الوثاقة عن عدم كذب المخبر الجامع بين عدم كذبه من باب السالبة بانتفاء الموضوع أو السالبة بانتفاء المحمول. وهذه الكاشفية والطريقية مصبّها الحقيقي وثاقة المخبر لا اخبار الثقة وهي كما تقتضي الكشف عن صدق ما أخبر به المخبر ، كذلك وبنفس الدرجة تقتضي الكشف عن عدم صدور الاخبار من الثقة إذا ما أحرز عدم صدق القضية وعلم الثقة بذلك. وعلى هذا الأساس نقول في المقام بأنَّنا بمجرد وجدان الخبر مع الواسطة وهو خبر الكليني نعلم بقضية شرطية هي انَّه إذا لم يكذب الكليني ولم يكذب الصفار فقد صدر الحديث عن المعصوم عليهالسلام والشرط في هذه الشرطية مجموع أمرين عدم كذب الكليني وعدم كذب الصفار.
وكلا هذين الشرطين يثبتان بدليل الحجية عن طريق تطبيقه على وثاقة الرجلين المحرزة وجداناً فان مقتضى وثاقة الكليني انَّه لم يكذب ومقتضي وثاقة الصفار انَّه لا يكذب أيضا وبذلك يحرز كلا الشرطين فيحرز الجزاء ، والحجية موضوعها على هذا التقرير وثاقة المخبر لا اخباره وهي محرزة وجداناً في كلّ من المخبر بالواسطة والواسطة فيكون هذا التطبيق نظير تطبيق دليل حجية الخبر على خبرين مباشرين أخبر كلّ منها بجزء موضوع الأثر الشرعي. ومعه يرتفع موضوع الإشكال من رأس فانَّه كان مبنيّا على افتراض طولية الإخبارين الموضوعين لدليل الحجية.
ثمَّ انَّه في الدورة السابقة ذكرنا في هذا المقام وجهاً آخر مبنيّا على مسالك جعل الطريقية والعلمية وحاصله : انَّ الكليني ( قده ) يخبرنا عن علمه التعبدي بقول المعصوم عليهالسلام وبما انَّ الاخبار عن العلم الوجداني كالاخبار عن الواقع في الحجية ـ إذ يمكن له الاخبار عنه استناداً إليه ولا خصوصية للتلفظ بالأخبار عن الواقع ـ فيكون اخباره عن علمه التعبدي اخباراً عن المعلوم وهو قول المعصوم عليهالسلام بناءً على جعل
__________________
وإِن شئت قلت : انَّ الشرط هو اخبار الصفار اخباراً غير كاذب بنحو العدم النعتيّ لا المحمولي وليست الملازمة أمراً جعلياً شرعياً ليمكن أن يكون الجزء الثاني المأخوذ في موضوع الجعل هو العدم المحمولي.
ولك أَن تقول بأنَّ الملازمة المقترنة شرطها أيضا مقترن لا محالة فلا بدَّ من إحراز ذلك بينما المحرز هنا الجامع بين عدم الكذب المقترن أو عدم الكذب غير المقترن المساوق مع كذب الملازمة نفسها.