منها وجوبه بل يمكن أَنْ يكون مستحبّاً كما هو مقتضى حسن الاحتياط دائماً.
وثانياً ـ ما أفاده المحقّق الأصفهاني ( قده ) من انَّ كلمة ( لعلّ ) ليست موضوعة للترجّي على ما يظهر من تتبع موارد استعمالاته بل موضوعة لترقّب مدخولها الّذي هو جزء من الترجّي سواءً كان محبوباً أو مكروهاً مخوفاً ، كما في الدعاء « لعلَّك عن بابك طردتني ولعلَّك وجدتني ألف مجالس البطالين فبيني وبينهم خليتني » ومعه لا يمكن استفادة مطلوبية التحذر من الآية.
وهذا الكلام متين ، إِلاّ انَّه بحاجة إلى تكميل ليكون إبطالاً لهذا الوجه ، إذ يمكن أَنْ يقال بأنا نستفيد مطلوبية مدخول الترقّب في المقام من السياق الدال على انَّه من الترقّب المطلوب لا المكروه. ووجه التكميل انَّ مدلول الكلمة إذا كان هو الترقّب فيكفي في إشباع حاجة هذا المدلول ترقّب حصول العلم من إيجاب الإنذار فلا يمكن إثبات مطلوبية التحذر حتى في صورة عدم حصول العلم من الإنذار.
وامَّا الوجه الثاني ـ فيرده انه إِنْ أُريد دعوى الملازمة العقلية بين وجوب شيء ووجوب غايته من باب انَّ الاهتمام بذي الغاية طريقي معلول للاهتمام النفسيّ بالغاية فلا محالة يكشف عن وجوب الغاية إِلاّ إذا كانت غير اختيارية والتحذر ليس كذلك. ففيه : إنكار الكبرى باعتبار انَّه قد يفرض انَّ المولى يأمر بسدّ باب عدم الغاية من ناحية بعض مقدماتها دون بعض ، فانَّ حفظ الشيء عن طريق مقدمة مغاير عن حفظه من ناحية مقدمة أُخرى من دون تلازم بينهما فلا يمكن أَنْ يستكشف من إيجاب حفظ أمر من ناحية بعض المقدمات إيجابه مطلقاً.
وإِنْ أُريد دعوى الملازمة العرفية وانَّ الأمر بشيء لغاية ظاهر عرفاً في انَّ المأمور به الحقيقي انَّما هو تلك الغاية ، كما إذا قيل ( لا تشرب الخمر لإسكارها ) أو ( اذهب إلى المسجد لكي تصلّي ) فالكبرى تامة ، ولكنه من حيث الصغرى مخصوص بما إذا كان الخطاب موجهاً نحو مكلّف واحد لا ما إذا كان الأمر بذي الغاية للمنذِرين ـ بالكسر ـ والغاية فعل المنذَرين ـ بالفتح ـ لأنَّ الأمر بالإنذار في حقّ المنذرين لا يمكن أَنْ يكون مجرّد استطراق إلى أمرهم بالتحذير إذ ليس التحذر فعلهم بل فعل المنذَرين ـ بالفتح ـ وإِنْ شئت قلت : انَّ التحذر الّذي هو فعل المنذَرين ـ بالفتح ـ ليس مقدوراً للمنذرين