من تفسير حجية الظنّ على الحكومة بمسلك التبعيض في الاحتياط على إطلاقه غير صحيح ـ وما يمكن أَنْ تصاغ به هذه المحاولة على ضوء مجموع كلمات الميرزا ( قده ) إحدى فرضيات مختلفة في المبنى والأصول الموضوعية وإِنْ كانت مشتركة في إثبات نحو حجية للظنّ بحكم العقل في حال الانسداد.
الأُولى ـ أَن يراد حجية الظنّ بحكم العقل في مقام الامتثال والخروج عن عهدة التكليف المنجز بالعلم الإجمالي ، حيث انَّه بعد فرض عدم إمكان الاحتياط والامتثال اليقيني أو عدم وجوبه شرعاً يحكم العقل بلزوم الامتثال الظنّي والخروج عن عهدة التكليف المتنجز بالعلم خروجاً ظنّيّاً ، فليس المقصود تنجز التكليف بالظنّ لكي يكون منافياً مع قاعدة قبح العقاب بلا بيان كما انَّ هذا ليس مجرد التبعيض في الاحتياط الّذي قد يتحقّق بمجيء دليل شرعي يدلّ على عدم وجوب الاحتياط في بعض الأطراف. والحاصل بعد فرض منجزية العلم الإجمالي تارة : يدلّ دليل على عدم وجوب الاحتياط في بعض الأطراف فيجب الاحتياط في الباقي بقانون منجزية العلم الإجمالي وهذا هو التبعيض في الاحتياط ، وأُخرى : يدلّ الدليل على عدم وجوب الاحتياط التام من دون تعيين ذلك في أطراف معيّنة فيمكن أَن تكون هي المشكوكات كما يمكن أَنْ تعين في المظنونات فانَّ كلّ ذلك من زاوية العلم الإجمالي ومنجزيته للأطراف الباقية على حدّ سواء فلا بدَّ من إضافة دعوى حكم العقل حينئذ بلزوم تطبيق ترك الاحتياط في المشكوكات دون المظنونات ، لأنَّ العلم الإجمالي بعد أَنْ كان منجزاً حتى بعد عدم لزوم الاحتياط التام يحكم العقل بلزوم الخروج عن عهدته بالظنّ إذا كان ممكناً ولا يجوز تركه إلى الامتثال الشكّي أو الوهمي.
الثانية ـ انَّ الظنّ يوجب صرف تنجيز العلم الإجمالي ـ بعد عدم إمكان الموافقة القطعية أو عدم وجوبها أي عدم تنجيزه لجميع الأطراف ـ إلى الطرف المظنون.
الثالثة ـ انَّ العلم الإجمالي وإِنْ كان ينجز الجامع وأمَّا الأطراف بخصوصياتها فتتنجز بالاحتمال بعد تعارض الأصول فيها إِلاّ انَّه حيث تتزاحم الاحتمالات في مقام التنجيز بعد عدم وجوب الاحتياط التام يكون الظنّ مرجحاً في مقام حلّ هذا التزاحم.