وهذا الجواب مبنيٌ على أَنْ يكون الاحتياط التام الموجب للحرج في مجموع وقائع متدرجة لا عرضية كما انَّه مبنيٌ على أَنْ تكون التدريجية في التكليف لا في زمان الابتلاء مع فعلية التكليف من الأول وإِلاّ يكون المكلّف قد ألقى نفسه في الحرج باختياره فلا يكون التكليف حرجياً نظير ما إذا اشتغل بعد فعلية وجوب الصلاة عليه باعمال شاقة إلى أَنْ يصبح الصلاة عن قيام في حقّه حرجيّاً فانَّه لا يسقط عنه وجوب الصلاة عن قيام.
٣ ـ قد ينقض على صاحب الكفاية بجريان القاعدة فيما إذا فرضنا انَّ الحرج نشأ عن اجتناب مجموع حرامين مثلاً يكون اجتنابهما معاً موجباً للحرج على المكلّف أو الضرر مع انَّه لا إِشكال في جريان القاعدة لنفي إحدى الحرمتين حينئذ مع انَّه يرد نفس الإشكال من أنَّه لو أُريد تطبيق القاعدة على كلّ من متعلقي التكليفين في نفسه فهو ليس بحرجي ولو أُريد تطبيقها على مجموعهما فهو ليس موضوعاً لحكم الشارع وانَّما هو مجموع الموضوعين فإذا صحّ هذا التطبيق هنا صحّ في المقام أيضا ، لأنَّ غير الحرام الواقعي أيضا يجب الاجتناب عنه ولو بحكم العقل فكأنَّه مقدر عليه من قبل الشارع.
إِلاّ انَّ هذا النقض غير وارد ، لأنَّه يمكن تطبيق القاعدة في مورده على واقع المجموع لا عنوانه فإنَّهما أيضا موضوعان لحكمين شرعيين موجبان للحرج فيرتفع أحدهما لا محالة بالقاعدة بخلاف المقام الّذي لا يكون فيما هو موضوع لحكم الشارع واقعاً حرج أصلاً.
٤ ـ انَّ التكليف بالواقعة المرددة بين الشبهات وإِنْ كان تكليفاً بذات الفعل إِلاّ انَّ الفعل له حصتان حصّة مقترنة مع الاحتياط في سائر الوقائع وهي حرجية وحصة غير مقترنة بذلك وهي غير حرجية والتكليف بالجامع بين الحصّتين وإِنْ كان غير حرجي لأنَّ الجامع بين الحصّة الحرجية وغير الحرجية ليس حرجياً كما لو كلّف بالصلاة الجامع بين الصلاة على قمة الجبل الحرجية والصلاة على سفحه غير الحرجية إِلاّ انَّه كلّما أصبحت الحصة غير الحرجية بحكم غير المقدور للمكلّف كان التكليف بذلك الجامع تكليفاً بالحرج والضرر لا محالة ، والمقام كذلك لأنَّ وجوب الاحتياط في سائر الشبهات سواءً كانت عرضية أو تدريجية ثابت على المكلّف ولو بحكم العقل فهو كأنَّه