« يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنذِرْ الآيات » المدّثر ـ ٢ .
قال : فهذا هو معنى نزول القرآن في شهر رمضان ومصادفة بعثته لليلة القدر : وأما ما يوجد في بعض كتب الشيعة من أن البعثة كانت يوم السابع والعشرين من شهر رجب فهذه الأخبار على كونها لا توجد إِلا في بعض كتب الشيعة التي لا يسبق تاريخ تأليفها أوائل القرن الرابع من الهجرة مخالفة للكتاب كما عرفت .
قال : وهناك روايات أُخرى في تأييد هذه الأخبار تدل على أن معنى نزول القرآن في شهر رمضان : أنه نزل فيه قبل بعثة النبي من اللوح المحفوظ إلى البيت المعمور وأملاه جبرائيل هناك على الملائكة حتى ينزل بعد البعثة على رسول الله ، وهذه أوهام خرافية دست في الاخبار مردودة أولاً بمخالفة الكتاب ، وثانياً أن مراد القرآن باللوح المحفوظ هو عالم الطبيعة وبالبيت المعمور هو كرة الأرض لعمرانه بسكون الإنسان فيه ، انتهى ملخّصاً .
ولست أدرى أي جملة من جمل كلامه ـ على فساده بتمام أجزائه ـ تقبل الإِصلاح حتى تنطبق على الحق والحقية بوجه ؟ فقد اتسع الخرق على الراتق .
ففيه أولاً : أن هذا التقوّل العجيب الذي تقوّله في البعثة ونزول القرآن أول ما نزل وأنه صلىاللهعليهوآلهوسلمنزل عليه : إِقرأ باسم ربك ، وهو في الطريق ، ثم نزلت عليه سورة الحمد ثم علّم الصلوة ، ثم دخل البيت ونام تعباناً ، ثم نزلت عليه سورة المدّثر صبيحة الليلة فأمر بالتبليغ ، كل ذلك تقوّل لا دليل عليه لا آية محكمة ولا سنّة قائمة ، وإِنما هي قصة تخيّليّة لا توافق الكتاب ولا النقل على ما سيجيء .
وثانياً
: أنه ذكر ان من المسلّم أن البعثة ونزول
القرآن والأمر بالتبليغ مقارنة زماناً ثم فسّر ذلك بأن النبوة ابتدأت بنزول القرآن ، وكان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
نبياً غير رسول ليلة واحدة فقط ثم في صبيحة الليلة أُعطي الرسالة بنزول سورة المدّثر ، ولا يسعه ، أن يستند في ذلك إِلى كتاب ولا سنّة ، وليس من المسلّم ذلك . أما السنة
فلأن لازم ما طعن به في جوامع الشيعة بتأخر تأليفها عن وقوع الواقعة عدم الاعتماد على شيء من جوامع الحديث مطلقاً إِذ لا شيء من كتب الحديث مما ألّفته العامة أو الخاصة إِلا وتأليفه متأخر عن عصر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
قرنين فصاعداً فهذا في السنّة ،