وفيه أيضاً : اخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير ، قال : بينا أنا ومجاهد جالسان عند ابن عباس إِذ أتاه رجل فقال : ألا تشفيني من آية المحيض ؟ قال : بلى فأقرأ : ويسألونك عن المحيض إِلى قوله : فأتوهن من حيث امركم الله فقال : ابن عباس : من حيث جاء الدم من ثم أمرت ان تأتي فقال : كيف بالآية نسائكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ؟ فقال : اي ، ويحك ، وفي الدبر من حرث ؟ لو كان ما تقول حقاً كان المحيض منسوخاً إِذا شغل من هىٰهنا جئت من هىٰهنا ، ولكن انى شئتم من الليل والنهار .
اقول : واستدلاله كما ترى مدخول ، فإِن آية المحيض لا تدل على أزيد من حرمة الاتيان من محل الدم عند المحيض فلو دلت آية الحرث على جواز إِتيان الادبار لم يكن بينها نسبة التنافي أصلاً حتى يوجب نسخ حكم آية المحيض ؟ على انك قد عرفت ان آية الحرث ايضاً لا تدل على ما راموه من جواز إِتيان الادبار ، نعم يوجد في بعض الروايات المروية عن ابن عباس : الاستدلال على حرمة الاتيان من محاشيهن بالامر الذي في قوله تعالى : فأتوهن من حيث امركم الله الآية ، وقد عرفت فيما مر من البيان انه من افسد الاستدلال ، وان الآية تدل على حرمة الاتيان من محل الدم ما لم يطهرن وهي ساكتة عما دونه ، وان آية الحرث ايضاً غير دالة إِلا على التوسعة من حيث الحرث ، والمسألة فقهية إِنما اشتغلنا بالبحث عنها بمقدار ما تتعلق بدلالة الآيات .
* * *
وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ـ ٢٢٤ . لَّا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ ـ ٢٢٥ . لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فإِن فَاءُوا فإِن اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ـ ٢٢٦ . وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ـ ٢٢٧ .