في الانسان من الداعي الطبيعي إِلى الاجتماع وتشريك المساعي هو أن بنيته في سعادة حياته تحتاج إِلى امور كثيرة وأعمال شتى لا يمكنه وحده ان يقوم بها جميعاً إِلا بالاجتماع والتعاون فالجميع يقوم بالجميع ، والاشواق الخاصة المتعلق كل واحد منها بشغل من الاشغال ونحو من انحاء الاعمال متفرقة في الافراد يحصل من مجموعها مجموع الاشغال والاعمال .
وهذا الداعي إِنما يدعو إِلى الاجتماع والتعاون بين الفرد والفرد أياً ما كانا وأما الاجتماع الكائن من رجل وامرأة فلا دعوة من هذا الداعي بالنسبة اليه ، فبناء ـ الازدواج على أساس التعاون الحيوي انحراف عن صراط الاقتضاء الطبيعي للتناسل والتوالد إِلى غيره مما لا دعوة من الطبيعة والفطرة بالنسبة اليه .
ولو كان الأمر على هذا ، أعني وضع الازدواج على أساس التعاون والاشتراك في الحياة كان من اللازم أن لا يختص أمر الازدواج من الاحكام الاجتماعية بشيء أصلا إِلا الاحكام العامة الموضوعة لمطلق الشركة والتعاون ، وفي ذلك إِبطال فضيلة العفة رأساً وإِبطال أحكام الانساب والمواريث كما التزمته الشيوعية ، وفي ذلك إِبطال جميع الغرائز الفطرية التي جهز بها الذكور والاناث من الانسان ، وسنزيده إِيضاحاً في محل يناسبه إِنشاء الله ، هذا إِجمال الكلام في النكاح ، واما الطلاق فهو من مفاخر هذه الشريعة الاسلامية ، وقد وضع جوازه على الفطرة إِذ لا دليل من الفطرة يدل على المنع عنه ، واما خصوصيات القيود المأخوذة في تشريعه فسيجيء الكلام فيها في سورة الطلاق إِنشاء الله العزيز .
وقد اضطرت الملل المعظمة اليوم إِلى ادخاله في قوانينهم المدنية بعد ما لم يكن .
* * *
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ ـ ٢٤٣ .