وكل مجموع منها ، ومجموع العالم الامكاني كلام الله سبحانه يتكلم به فيظهر المكنون من كمال اسمائه وصفاته ، فكما انه تعالى خالق للعالم والعالم مخلوقه كذلك هو تعالى متكلم بالعالم مظهر به خبايا الاسماء والصفات والعالم كلامه .
بل الدقة في معنى الدلالة على المعنى يوجب القول بكون الذات بنفسه دالاً على نفسه فإِن الدلالة بالأخرة شأن وجودي ليس ولا يكون لشيء بنحو الاصالة إِلا لله وبالله سبحانه ، فكل شىء دلالته على بارئه وموجده فرع دلالة ما منه على نفسه ودلالته لله بالحقيقة ، فالله سبحانه هو الدال على نفس هذا الشيء الدال ، وعلى دلالته لغيره . فهو سبحانه هو الدال على ذاته بذاته وهو الدال على جميع مصنوعاته فيصدق على مرتبة الذات الكلام كما يصدق على مرتبة الفعل الكلام بالتقريب المتقدم ، فقد تحصل بهذا البيان أن من الكلام ما هو صفة وهو الذات وهو الذات من حيث دلالته على الذات ، ومنه ما هو صفة الفعل ، وهو الخلق والايجاد من حيث دلالة الموجود على ما عند موحده من الكمال .
اقول : ما نقلنا عنهم على تقدير صحته لا يساعد عليه اللفظ اللغوي ، فإِن الذي اثبته الكتاب والسنة هو امثال قوله تعالى : منهم من كلم الله ، وقوله : وكلم الله موسى تكليماً ، وقوله : قال الله يا عيسى ، وقوله : وقلنا يا آدم ، وقوله : إِنا أوحينا اليك ، وقوله : نبأني العليم الخبير ، ومن المعلوم ان الكلام والقول بمعنى عين الذات لا ينطبق على شيء من هذه الموارد .
واعلم ان بحث الكلام من اقدم الابحاث العلمية التي اشتغلت به الباحثون من المسلمين ( وبذلك سمي علم الكلام به ) وهي ان كلام الله سبحانه هل هو قديم أو حادث ؟
ذهبت الأشاعرة إِلى القدم غير انهم فسروا الكلام بان المراد بالكلام هو المعاني الذهنية التي يدل عليه الكلام اللفظي ، وتلك المعاني علوم الله سبحانه قائمة بذاته قديمة بقدمها ، واما الكلام اللفظي وهو الاصوات والنغمات فهي حادثة زائدة على الذات بالضرورة .
وذهبت المعتزلة إِلى الحدوث غير انهم
فسروا الكلام بالالفاظ الدالة على المعنى