التام دلالة وضعية فهذا هو الكلام عند العرف ، قالوا : واما المعاني النفسية التي تسميه الأشاعرة كلاماً نفسياً فهي صور علمية وليست بالكلام .
وبعبارة أُخرى : إِنا لا نجد في نفوسنا عند التكلم بكلام غير المفاهيم الذهنية التي هي صور علمية فإِن أُريد بالكلام النفسي ذلك كان علماً لا كلاماً ، وإِن أُريد به امر آخر وراء الصورة العلمية فإِنا لا نجد ورائها شيئاً بالوجدان ، هذا .
وربما امكن ان يورد عليه بجواز ان يكون شيء واحد بجهتين أو باعتبارين مصداقاً لصفتين أو ازيد وهو ظاهر ، فلم لا يجوز ان تكون الصورة الذهنية علماً من جهة كونه انكشافاً للواقع ، وكلاماً من جهة كونه علماً يمكن إِفاضته للغير ؟
اقول : والذي يحسم مادة هذا النزاع من اصله ان وصف العلم في الله سبحانه بأي معنى اخذناه اي سواء أُخذ علماً تفصيلياً بالذات واجمالياً بالغير ، أو أُخذ علماً تفصيلياً بالذات وبالغير في مقام الذات ، وهذان المعنيان من العلم الذي هو عين الذات ، أو أُخذ علماً تفصيلياً قبل الايجاد بعد الذات أو أُخذ علماً تفصيلياً بعد الايجاد وبعد الذات جميعاً ، فالعلم الواجبي على جميع تصاويره علم حضوري غير حصولي . والذي ذكروه وتنازعوا عليه انما هو من قبيل العلم الحصولي الذي يرجع الى وجود مفاهيم ذهنية مأخوذة من الخارج بحيث لا يترتب عليها آثارها الخارجية فقد اقمنا البرهان في محلة : ان المفاهيم والماهيات لا تتحقق الا في ذهن الانسان أو ما قاربه جنساً من أنواع الحيوان التي تعمل الاعمال الحيوية بالحواس الظاهرة والاحساسات الباطنة .
وبالجملة فالله سبحانه اجل من ان يكون له ذهن يذهن به المفاهيم والماهيات الاعتبارية مما لا ملاك لتحقيقه إِلا الوهم فقط نظير مفهوم العدم والمفاهيم الاعتبارية في ظرف الاجتماع ، ولو كان كذلك لكان ذاته المقدسة محلاً للتركيب ، ومعرضاً لحدوث الحوادث ، وكلامه محتملاً للصدق والكذب الى غير ذلك من وجوه الفساد تعالى عنها وتقدس .
واما معنى علمه بهذه المفاهيم الواقعة تحت الألفاظ فسيجيىء إِنشاء الله بيانه في موضع يليق به .