الغايات ، والمعنى انا فعلنا بك ما فعلنا لنبين لك كذا وكذا ولنجعلك آية للناس فبين أن الغرض الإلهي لم يكن في ذلك منحصراً في بيان الامر له نفسه بل هناك غاية اخرى وهي جعله آية للناس ، فالغرض من قوله : وانظر الى العظام « الخ » بيان الامر له فقط ، ومن إِماتته وإِحيائه بيان الامر له وجعله آية للناس ، ولذلك قدم قوله : ولنجعلك « الخ » على قوله : وانظر الى العظام « الخ » .
ومما بينا يظهر وجه تكرار قوله انظر ، ثلاث مرات في الآية ، فلكل واحد من الموارد الثلاث غرض خاص به لا يشاركه فيه غيره .
وكان في إِماتته وإِحيائه بيان ذلك له بيان ما يجده الميت من نفسه إِذا أحياه الله ليوم البعث كما قال تعالى : « وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَٰلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَىٰ يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَٰذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَٰكِنَّكُمْ كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ » الروم ـ ٥٦ .
ثم بين الله له الجهة الثانية التي يشتمل عليه قوله : أنى يحيي هذه الله وهو : أنه كيف يعود الاجزاء الى صورتها بعد كل هذه التغيرات والتحولات الطارئة عليها واستلفت نظره الى العظام فقال : وانظر الى العظام كيف ننشزها والانشاز الإنماء ، وظاهر الآية ان المراد بالعظام عظام الحمار إِذ لو كانت عظام اهل القرية لم تكن الآية منحصرة فيه كما هو ظاهر قوله : ولنجعلك آية بل شاركه فيه الموتى الذين احياهم الله تعالى !
ومن الغريب ما ذكره بعض المفسرين أن المراد بالعظام العظام التي في الابدان الحية فإِنها في نمائها واكتسائها باللحم من آيات البعث ، فإِن الذي أعطاها الرشد والنماء بالحياة لمحيي الموتى إِنه على كل شيء قدير ، وقد احتج الله على البعث بمثلها وهو الارض الميتة التي يحييها الله بالإنبات ، وهذا كما ترى تكلف من غير موجب .
وقد تبين من جميع ما مر أن جميع ما تشتمل عليه الآية من قوله : فأماته الله إِلى آخر الآية جواب واحد غير مكرر لقوله : أنى يحيي هذه الله .
قوله
تعالى : فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل شيء
قدير ، رجوع منه بعد التبين الى علمه الذي كان معه قبل التبين ، كأنه عليهالسلام
لما خطر بباله الخاطر الذي