عليهالسلام بقوله : رب أرني كيف تحيى الموتى ، ومن المعلوم وجوب مطابقة الجواب للسؤال ، فبلاغة الكلام وحكمة المتكلم يمنعان عن اشتمال الكلام على ما هو لغو زائد لا يترتب على وجوده فائدة عائدة الى الغرض المقصود من الكلام وخاصة القرآن الذي هو خير كلام القاه خير متكلم الى خير سامع واع ، وليست القصة على تلك البساطة التي تترائى منها في بادي النظر ، ولو كان كذلك لتم الجواب بإِحياء ميت ما كيف كان ، ولكان الزائد على ذلك لغواً مستغنى عنه وليس كذلك ، ولقد أُخذ فيها قيود وخصوصيات زائدة على أصل المعنى ، فاعتبر في ما أُريد إِحيائه أن يكون طيراً ، وان يكون حياً ، وان يكون ذا عدد أربعة ، وان يقتل ويخلط ويمزج أجزائها ، وان يفرق الاجزاء المختلطة أبعاضاً ثم يوضع كل بعض في مكان بعيد من الآخر كقلة هذا الجبل وذاك الحبل ، وأن يكون الإحياء بيد ابراهيم عليهالسلام ( نفس السائل ) بدعوته إِياهن ، وان يجتمع الجميع عنده .
فهذه كما ترى خصوصيات زائدة في القصة ، هي لا محالة دخيلة في المعنى المقصود افادته ، وقد ذكروا لها وجوهاً من النكات لا تزيد الباحث الا عجباً ( يعلم صحة ما ذكرناه بالرجوع الى مفصلات التفاسير ) .
وكيف كان فهذه الخصوصيات لا بد ان تكون مرتبطة بالسؤال ، والذي يوجد في السؤال ـ وهو قوله : رب أرني كيف تحيى الموتى ـ أمران .
أحدهما : ما اشتمل عليه قوله : تحيي وهو ان المسؤل مشاهدة الإحياء من حيث انه وصف لله سبحانه لا من حيث انه وصف لأجزاء المادة الحاملة للحياة .
وثانيهما : ما اشتمل عليه لفظ الموتى من معنى الجمع فإِنه خصوصية زائدة .
أما
الاول : فيرتبط به في الجواب إِجراء هذا الامر
بيد ابراهيم نفسه حيث يقول : فخذ ، فصرهن ، ثم اجعل ، بصيغة الامر ويقول ثم ادعهن يأتينك ، فإِنه تعالى جعل إِتيانهن سعياً وهو الحياة مرتبطاً متفرعاً على الدعوة ، فهذه الدعوة هي السبب
الذي يفيض عنه حياة ما أُريد إِحيائه ، ولا إِحياء إِلا بأمر الله ، فدعوة ابراهيم إِياهن
بأمر الله ، قد كانت متصلة نحو اتصال بأمر الله الذي منه تترشح حياة الاحياء ، وعند ذلك
شاهده ابراهيم ورأى كيفية فيضان الامر بالحياة ، ولو كانت دعوة ابراهيم إِياهن غير