متصلة بأمر الله الذي هو ان يقول لشيء أراده : كن فيكون ، كمثل أقوالنا غير المتصلة إِلا بالتخيل كان هو أيضاً كمثلنا إِذ قلنا لشيء كن فلا يكون ، فلا تأثير جزافي في الوجود .
واما الثاني : فقوله كيف تحيي الموتى تدل على ان لكثرة الاموات وتعددها دخلاً في السؤال ، وليس إِلا ان الاجساد بموتها وتبدد أجزائها وتغير صورها وتحول أحوالها تفقد حالة التميز والارتباط الذي بينها فتضل في ظلمة الفناء والبوار ، وتصير كالاحاديث المنسية لا خبر عنها في خارج ولا ذهن فكيف تحيط بها القوة المحيية ولا محاط في الواقع .
وهذا هو الذي أورده فرعون على موسى عليهالسلام وأجاب عنه موسى بالعلم كما حكاه الله تعالى بقوله : « قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَىٰ قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى » طه ـ ٥٢ .
وبالجملة فأجابه الله تعالى بأن أمره بأن يأخذ أربعة من الطير ( ولعل اختيار الطير لكون هذا العمل فيها أسهل وأقل زماناً ) فيشاهد حياتها ويرى اختلاف أشخاصها وصورها ، ويعرفها معرفة تامة أولاً ، ثم يقتلها ويخلط أجزائها خلطاً دقيقاً ثم يجعل ذلك ابعاضاً ، وكل بعض منها على جبل لتفقد التميز والتشخص ، وتزول المعرفة ، ثم يدعوهن يأتينه سعياً ، فإِنه يشاهد حينئذ ان التميز والتصور بصورة الحياة كل ذلك تابع للدعوة التي تتعلق بأنفسها ، أي إِن أجسادها تابعة لانفسها لا بالعكس ، فإِن البدن فرع تابع للروح لا بالعكس ، بل نسبة البدن إِلى الروح بوجه نسبة الظل إِلى الشاخص ، فإِذا وجد الشاخص تبع وجوده وجود الظل وإِلى أي حال تحول الشاخص أو أجزائه تبعه فيه الظل حتى إِذا انعدم تبعه في الانعدام ، والله سبحانه إِذا أوجد حياً من الاحياء ، أو أعاد الحياة إِلى أجزاء مسبوقة بالحياة فإِنما يتعلق إِيجاده بالروح الواجدة للحياة أولاً ثم يتبعه أجزاء المادة بروابط محفوظة عند الله سبحانه لا نحيط بها علماً فيتعين الجسد بتعين الروح من غير فصل ولا مانع وبذلك يشعر قوله تعالى : ثم ادعهن يأتينك سعياً أي مسرعات مستعجلات .
وهذا هو الذي يستفاد من قوله تعالى : « وَقَالُوا أَإِذَا
ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي