ويظهر من الآية : ان الرياء في عمل يستلزم عدم الايمان بالله واليوم الآخر فيه ،
قوله تعالى : فمثله كمثل صفوان عليه تراب الى آخر الآية ، الضمير في قوله : فمثله راجع الى الذي ينفق ماله رئاء الناس والمثل له ، والصفوان والصفا الحجر الأملس وكذا الصلد ، والوابل : المطر الغزير الشديد الوقع .
والضمير في قوله : لا يقدرون راجع الى الذي ينفق رئائاً لأنه في معنى الجمع ، والجملة تبين وجه الشبه وهو الجامع بين المشبه والمشبه به ، وقوله تعالى : والله لا يهدي القوم الكافرين بيان للحكم بوجه عام وهو ان المرائي في ريائه من مصاديق الكافر ، والله لا يهدي القوم الكافرين ، ولذلك أفاد معنى التعليل .
وخلاصة معنى المثل : أن حال المرائي في إِنفاقه رئائاً وفي ترتب الثواب عليه كحال الحجر الأملس الذي عليه شيء من التراب إِذا أنزل عليه وابل المطر ، فإِن المطر وخاصة وابله هو السبب البارز لحياة الأرض واخضرارها وتزينها بزينة النبات ، إِلا أن التراب إِذا وقع على الصفوان الصلد لا يستقر في مكانه عند نزول الوابل بل يغسله الوابل ويبقى الصلد الذي لا يجذب الماء ، ولا يتربى فيه بذر لنبات ، فالوابل وإِن كان من أظهر أسباب الحياة والنمو وكذا التراب لكن كون المحل صلداً يبطل عمل هذين السببين من غير أن يكون النقص والقصور من جانبهما فهذا حال الصلد .
وهذا حال المرائي فإِنه لما لم يقصد من عمله وجه الله لم يترتب على عمله ثواب وإِن كان العمل كالانفاق في سبيل الله من الاسباب البارزة لترتب الثواب ، فإِنه مسلوب الاستعداد لا يقبل قلبه الرحمة والكرامة .
وقد ظهر من الآية : أن قبول العمل يحتاج الى نية الاخلاص وقصد وجه الله ، وقد روى الفريقان عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : أنه قال : إِنما الاعمال بالنيات .
قوله
تعالى : مثل الذين ينفقون اموالهم ابتغاء مرضات
الله وتثبيتاً من انفسهم ، ابتغاء المرضات هو طلب الرضاء ، ويعود إِلى ارادة وجه الله ، فإِن وجه الشيء هو ما
يواجهك ويستقبلك به ، ووجهه تعالى بالنسبة الى عبده الذي امره بشيء واراده منه هو رضائه عن فعله وامتثاله ، فإِن الآمر يستقبل المأمور اولاً بالامر فإِذا امتثل
استقبله بالرضاء عنه ، فمرضات الله عن العبد المكلف بتكليف هو وجهه اليه ، فابتغاء مرضاة