والمعاملات المشروعة ، فإِنه بصرف مال الربا في مأكله ومشربه وملبسه ومسكنه يبطل كثيراً من عباداته بفقدان شرائط مأخوذة فيها ، وباستعماله فيما بيده من المال الربوي يبطل كثيراً من معاملاته ، ويضمن غيره ، ويغصب مال غيره في موارد كثيرة ، وباستعمال الطمع والحرص في اموال الناس والخشونة والقسوة في استيفاء ما يعده لنفسه حقاً يفسد كثيراً من اصول الاخلاق والفضائل وفروعها ، وهو اثيم مستقر في نفسه الإثم فالله سبحانه لا يحبه لأن الله لا يحب كل كفار أثيم .
قوله تعالى : إِن الذين آمنوا وعملوا الصالحات « الخ » ، تعليل يبين به ثواب المتصدقين والمنتهين عما نهى الله عنه من أكل الربا بوجه عام ينطبق على المورد انطباقاً .
قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا ان كنتم مؤمنين خطاب للمؤمنين وأمر لهم بتقوى الله وهو توطئة لما يتعقبه من الامر بقوله وذروا ما بقي من الربا ، وهو يدل على انه كان من المؤمنين في عهد نزول الآيات من يأخذ الربا ، وله بقايا منه في ذمة الناس من الربا فأمر بتركها ، وهدد في ذلك بما سيأتي من قوله : فإِن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله الآية .
وهذا يؤيد ما سننقله من الرواية في سبب نزول الآية في البحث الروائي الآتي .
وفي تقييد الكلام بقوله : إِن كنتم مؤمنين إِشارة إِلى ان تركه من لوازم الايمان ، وتأكيد لما تقدم من قوله : ومن عاد « الخ » ، وقوله : إِن الله لا يحب كل كفار « الخ » .
قوله تعالى : وإِن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله ، الاذن كالعلم وزناً ومعنى ، وقرء فآذنوا بالامر من الايذان ، والباء في قوله بحرب لتضمينه معنى اليقين ونحوه ، والمعنى : أيقنوا بحرب أو أعلموا انفسكم باليقين بحرب من الله ورسوله ، وتنكير الحرب لإفادة التعظيم أو التنويع ، ونسبة الحرب الى الله ورسوله لكونه مرتبطاً بالحكم الذي لله سبحانه فيه سهم بالجعل والتشريع ولرسوله فيه سهم بالتبليغ ، ولو كان لله وحده لكان امراً تكوينياً ، واما رسوله فلا يستقل في امر دون الله سبحانه قال تعالى : « لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ » آل عمران ـ ١٢٨ .
والحرب من الله ورسوله في حكم من
الاحكام مع من لا يسلمه هو تحميل الحكم على من رده من المسلمين بالقتال كما يدل عليه قوله تعالى : « فَقَاتِلُوا الَّتِي
تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ
» الحجرات ـ ٩ ، على ان لله تعالى صنعاً آخر في الدفاع عن حكمه وهو