قوله تعالى : ولا تباشروهن وانتم عاكفون في المساجد ، العكوف والاعتكاف هو اللزوم والاعتكاف بالمكان الاقامة فيه ملازماً له .
والاعتكاف عبادة خاصة من احكامها لزوم المسجد وعدم الخروج منه الا لعذر والصيام معه ، ولذلك صح ان يتوهم جواز مباشرة النساء في ليالي الاعتكاف في المسجد بتشريع جواز الرفث ليلة الصيام فدفع هذا الدخل بقوله تعالى : ولا تباشروهن وانتم عاكفون في المساجد .
قوله تعالى : تلك حدود الله فلا تقربوها ، أصل الحد هو المنع واليه يرجع جميع استعمالاته واشتقاقاته كحد السيف وحد الفجور وحد الدار والحديد الى غير ذلك ، والنهي عن القرب من الحدود كناية عن عدم اقترافها والتعدي اليها ، أي لا تقترفوا هذه المعاصي التي هي الاكل والشرب والمباشرة أو لا تتعدوا عن هذه الاحكام والحرمات الإِلهية التي بيّنها لكم وهي احكام الصوم بإضاعتها وترك التقوى فيها .
( بحث روائي )
في تفسير القمي عن الصادق عليهالسلام قال : كان الاكل
والنكاح محرمين في شهر رمضان بالليل بعد النوم يعني كل من صلى العشاء ونام ولم يفطر ثم انتبه حرم عليه الافطار ، وكان النكاح حراماً في الليل والنهار في شهر رمضان ، وكان رجل من أصحاب رسول الله يقال له خوّات بن جبير الانصاري اخو عبد الله بن جبير الذي كان رسول الله وكله بفم الشِعب يوم أُحد في خمسين من الرماة ففارقه أصحابه وبقي في اثنى عشر رجلاً فقتل على باب الشعب ، وكان اخوه هذا خوّات بن جبير شيخاً كبيراً ضعيفاً ، وكان صائماً مع رسول الله في الخندق ، فجاء إلى أهله حين أمسى فقال عندكم
طعام ؟ فقالوا : لا تنم حتى نصنع لك طعاماً فأبطأت عليه اهله بالطعام فنام قبل ان يفطر ، فلما انتبه قال لأهله ، قد حرم على الاكل في هذه الليلة فلما اصبح حضر حفر الخندق فاغمى عليه فرآه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
فرقّ له وكان قوم من الشبان ينكحون بالليل سراً في شهر رمضان فأنزل الله : أُحل لكم ليلة الصيام الرفث إِلى نسائكم الآية ،
فأحل الله تبارك وتعالى النكاح بالليل من شهر رمضان ، والاكل بعد النوم إِلى طلوع الفجر
( ٢ ـ الميزان ـ ٤ )