محللاً قبل النوم محرماً بعده كان الواجب في اللفظ ان يقيد بالغاية كما صنع ذلك بقوله : كلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الابيض الخ ، وقد قال تعالى : أُحل لكم ليلة الصيام الرفث ، ولم يأت بقيد يدل على الغاية ، وكذا ما اشتمل عليه بعض الروايات : ان الخيانة ما كانت تختص بالنكاح بل كانوا يختانون في الاكل والشرب ايضاً لا يوافق ما يشعر به سياق الآية من وضع قوله : علم الله انكم كنتم تختانون انفسكم « الخ » ، قبل قوله : كلوا واشربوا .
وفي الدر المنثور ايضاً : ان رسول الله قال : الفجر فجران فأما الذي كأنه ذنب السرحان فإنه لا يحل شيئاً ولا يحرمه ، واما المستطيل الذي يأخذ الافق فإنه يحل الصلوة ويحرّم الطعام .
اقول : والروايات في هذا المعنى مستفيضة من طرق العامة والخاصة وكذا الروايات في الاعتكاف وحرمة الجماع فيه .
* * *
وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ـ ١٨٨ .
( بيان )
قوله تعالى : ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ، المراد بالاكل الاخذ أو مطلق التصرف مجازاً ، والمصحح لهذا الاطلاق المجازي كون الاكل أقرب الافعال الطبيعية التي يحتاج الانسان إلى فعلها وأقدمها فالانسان أول ما ينشاء وجوده يدرك حاجته إِلى التغذي ثم ينتقل منه إلى غيره من الحوائج الطبيعية كاللباس والمسكن والنكاح ونحو ذلك ، فهو أول تصرف يستشعر به من نفسه ، ولذلك كان تسمية التصرف والاخذ ، وخاصة في مورد الاموال ، أكلاً لا يختص باللغة العربية بل يعم سائر اللغات .
والمال ما يتعلق به الرغبات من الملك ،
كأنه مأخوذ من الميل لكونه مما يميل