والعمرة عمل آخر وهو زيارة البيت بالاحرام من أحد المواقيت والطواف وصلاته والسعي بين الصفا والمروة والتقصير ، وهما أعنى الحج ، والعمرة عبادتان لا يتمان إِلا لوجه الله ويدل عليه قوله تعالى : وأتموا الحج والعمرة لله الآية .
قوله تعالى : فإِن أُحصرتم فما استيسر من الهدى ولا تحلقوا رؤوسكم « الخ » ، الاحصار هو الحبس والمنع ، والمراد الممنوعية عن الاتمام بسبب مرض أو عدو بعد الشروع بالاحرام والاستيسار صيرورة الشيء يسيراً غير عسير كأنه يجلب اليسر لنفسه ، والهدي هو ما يقدمه الانسان من النعم إِلى غيره أو إِلى محل للتقرب به ، واصله من الهدية بمعنى التحفة أو من الهدى بمعنى الهداية التي هي السوق إِلى المقصود ، والهدي والهدية كالتمر والتمرة ، والمراد به ما يسوقه الانسان للتضحية به في حجه من النعم .
قوله تعالى : فمن كان منكم مريضاً أو به أذى من رأسه « الخ » ، الفاء للتفريع ، وتفريع هذا الحكم على النهي عن حلق الرأس يدل على ان المراد بالمرض هو خصوص المرض الذي يتضرر فيه من ترك الشعر على الرأس من غير حلق ، والاتيان بقوله : أو أذى من رأسه بلفطة أو الترديد يدل على ان المراد بالاذى ما كان من غير طريق المرض كالهوام فهو كناية عن التأذي من الهوام كالقمل على الرأس ، فهذان الامران يجوزان الحلق مع الفدية بشيء من الخصال الثلاث : التي هي الصيام ، والصدقة ، والنسك .
وقد وردت السنة ان الصيام ثلاثة ايام ، وان الصدقة إِطعام ستة مساكين ، وان النسك شاة .
قوله تعالى : فإِذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إِلى الحج ، تفريع على الاحصار ، أي إِذا أمنتم المانع من مرض أو عدو أو غير ذلك فمن تمتع بالعمرة إِلى الحج ، أي تمتع بسبب العمرة من حيث ختمها والاحلال إِلى زمان الاهلال بالحج فما استيسر من الهدى ، فالباء للسببية ، وسببية العمرة للتمتع بما كان لا يجوز له في حال الاحرام كالنساء والصيد ونحوهما من جهة تمامها بالاحلال .
قوله تعالى : فما استيسر من الهدى ، ظاهر الآية ان ذلك نسك لا جبران لما فات منه من الاهلال بالحج من الميقات فإِن ذلك أمر يحتاج إِلى زيادة مؤنة في فهمه من الآية كما هو ظاهر .