أكثر من اثني عشر ميلاً على ما فسرته السنة ، وأهل الرجل خاصته : من زوجته وعياله ، والتعبير عن النائي البعيد بأن لا يكون اهله حاضري المسجد الحرام من الطف التعبيرات ، وفيه إِيماء إِلى حكمة التشريع وهو التخفيف والتسهيل ، فإِن المسافر من البلاد النائية للحج ، وهو عمل لا يخلو من الكد ومقاسات التعب ووعثاء الطريق ، لا يخلو عن الحاجة إِلى السكن والراحة والانسان إِنما يسكن ويستريح عند أهله ، وليس للنائي أهل عند المسجد الحرام ، فبدله الله سبحانه من التمتع بالعمرة إِلى الحج والاهلال بالحج من المسجد الحرام من غير ان يسير ثانياً إِلى الميقات .
وقد عرفت : أن الجملة الدالة على تشريع المتعة إِنما هي هذه الجملة أعني قوله : ذلك لمن لم يكن « الخ » ، دون قوله : فمن تمتع بالعمرة إِلى الحج ، هو كلام مطلق غير مقيد بوقت دون وقت ولا شخص دون شخص ولا حال دون حال .
قوله تعالى : واتقوا الله واعلموا أن الله شديد العقاب ، التشديد البالغ في هذا التذليل مع أن صدر الكلام لم يشتمل على أزيد من تشريع حكم في الحج ينبيء عن أن المخاطبين كان المترقب من حالهم إِنكار الحكم أو التوقف في قبوله وكذلك كان الامر فإِن الحج خاصة من بين الاحكام المشرعة في الدين كان موجوداً بينهم من عصر إِبراهيم الخليل معروفاً عندهم معمولاً به فيهم قد أنسته نفوسهم وألفته قلوبهم وقد أمضاه الاسلام على ما كان تقريباً إِلى آخر عهد النبي فلم يكن تغيير وضعه أمراً هيناً سهل القبول عندهم ولذلك قابلوه بالانكار وكان ذلك غير واقع في نفوس كثير منهم على ما يظهر من الروايات ، ولذلك اضطر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إِلى أن يخطبهم فيبين لهم أن الحكم لله يحكم ما يشاء ، وأنه حكم عام لا يستثنى فيه أحد من نبي أو أُمة فهذا هو الموجب للتشديد الذي في آخر الآية بالأمر بالتقوى والتحذير عن عقاب الله سبحانه .
قوله تعالى : الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج إِلى قوله : في الحج ، أي زمان الحج أشهر معلومات عند القوم وقد بينته السنة وهي : شوال وذو القعدة وذو الحجة .
وكون زمان الحج من ذي الحجة بعض هذا
الشهر دون كله لا ينافي عده شهراً للحج فإِنه من قبيل قولنا : زمان مجيئي اليك يوم الجمعة مع ان المجيء إِنما هو في
بعضه