بذكر الله ولا تكونوا ممن لا خلاق له بتركه ذكر ربه فتكونوا قانطين آئسين .
قوله تعالى : واذكروا الله في أيام معدودات ، الايام المعدودات هي ايام التشريق وهي اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة ، والدليل على ان هذه الايام بعد العشرة من ذي الحجة ذكر الحكم بعد الفراغ عن ذكر أعمال الحج ، والدليل على كونها ثلاثة أيام قوله تعالى : فمن تعجل في يومين « الخ » ، فإِن التعجل في يومين إِنما يكون إِذا كانت الايام ثلاثة ، يوم ينفر فيه ، ويومان يتعجل فيهما فهي ثلاثة ، وقد فسرت في الروايات بذلك أيضاً .
قوله تعالى : فمن تعجل في يومين فلا إِثم عليه ومن تأخر فلا إِثم عليه لمن اتقى ، لا نافية للجنس فقوله : لا إِثم عليه في الموضعين ينفي جنس الاثم عن الحاج ولم يقيد بشيء أصلاً ، ولو كان المراد لا إِثم عليه في التعجل أو في التأخر لكان من اللازم تقييده به ، فالمعنى أن من اتم عمل الحج فهو مغفور لا ذنب له سواء تعجل في يومين أو تأخر ، ومن هنا يظهر : ان الآية ليست في مقام بيان التخيير بين التأخر والتعجل للناسك ، بل المراد بيان كون الذنوب مغفورة للناسك على أي حال .
واما قوله : لمن اتقى ، فليس بياناً للتعجل والتأخر وإِلا لكان حق الكلام ان يقال : على من اتقى ، بل الظاهر ان قوله : لمن اتقى نظير قوله تعالى : ذلك لمن لم يكن اهله حاضري المسجد الحرام الآية ، والمراد ان هذا الحكم لمن اتقى واما من لم يتق فليس له ، ومن اللازم ان يكون هذه التقوى تقوى مما نهى الله سبحانه عنه في الحج واختصه به فيؤل المعنى ان الحكم إِنما هو لمن اتقى تروك الاحرام أو بعضها أما من لم يتق فيجب ان يقيم بمنى ويذكر الله في ايام معدودات ، وقد ورد هذا المعنى في بعض ما روي عن أئمة اهل البيت كما سيجيء إِنشاء الله .
قوله تعالى : واتقوا الله واعلموا انكم اليه تحشرون ، امر بالتقوى في خاتمة الكلام وتذكير بالحشر والبعث فإِن التقوى لا تتم والمعصية لا تجتنب إِلا مع ذكر يوم الجزاء ، قال تعالى : « إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ » ص ـ ٢٦ .
وفي اختيار لفظ الحشر في قوله تعالى :
انكم اليه تحشرون ، مع ما في نسك