كتاب غير منسوخ وان الاحكام باقية على ما هي عليها إِلى يوم القيامة ، قال تعالى : « وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ » فصلت ـ ٤٢ ، فالآية مطلقة تشمل نسخ الحكم فما شرعه الله ورسوله أو قضى به الله ورسوله يجب اتباعه على الامة ، أُولي الأمر فمن دونهم .
ومن هنا يظهر : ان قوله تعالى : « أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ » إِنما يجعل لاولى الامر حق الطاعة في غير الاحكام فهم ومن دونهم من الامة سواء في انه يجب عليهم التحفظ لأحكام الله ورسوله بل هو عليهم أوجب ، فالذي يجب فيه طاعة اولي الامر إِنما هو ما يأمرون به وينهون عنه فيما يرون صلاح الامة فيه ، من فعل أو ترك مع حفظ حكم الله في الواقعة .
فكما ان الواحد من الناس له ان يتغذى يوم كذا أو لا يتغذى مع جواز الاكل له من مال نفسه ، وله ان يبيع ويشتري يوم كذا أو يمسك عنه مع كون البيع حلالاً ، وله ان يترافع إِلى الحاكم إِذا نازعه احد في ملكه ، وله ان يعرض عن الدفاع مع جواز الترافع ، كل ذلك إِذا رأى صلاح نفسه في ذلك مع بقاء الاحكام على حالها ، وليس له أن يشرب الخمر ، ولا له ان يأخذ الربا ، ولا له ان يغصب مال غيره بإِبطال ملكه وإِن رأى صلاح نفسه في ذلك لأن ذلك كله يزاحم حكم الله تعالى ، هذا كله في التصرف الشخصي ، كذلك ولي الامر له ان يتصرف في الامور العامة على طبق المصالح الكلية مع حفظ الاحكام الالهية على ما هي عليها ، فيدافع عن ثغور الاسلام حيناً ، ويمسك عن ذلك حيناً ، على حسب ما يشخصه من المصالح العامة ، أو يأمر بالتعطيل العمومي او الانفاق العمومي يوماً إِلى غير ذلك بحسب ما يراه من المصلحة .
وبالجملة كل ما للواحد من المسلمين ان يتصرف فيه بحسب صلاح شخصه مع التحفظ على حكم الله سبحانه في الواقعة فلوالي الامر من قِبل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ان يتصرف فيه بحسب الصلاح العام العائد الى حال المسلمين مع التحفظ بحكم الله سبحانه في الواقعة .
ولو جاز لولي الامر ان يتصرف في الحكم
التشريعي تكليفاً أو وضعاً بحسب ما يراه من صلاح الوقت لم يقم حكم على ساق ، ولم يكن لاستمرار الشريعة الى يوم القيمة