اي راقه وسره ، وقوله : في الحياة الدنيا ، متعلق بقوله : يعجبك ، اي ان الاعجاب في الدنيا من جهة ان هذه الحياة نوع حياة لا تحكم الا على الظاهر ، واما الباطن والسريرة فتحت الستر ووراء الحجاب ، لا يشاهده الانسان وهو متعلق الحياة بالدنيا الا ان يستكشف شيئاً من امر الباطن من طريق الآثار ويناسبه ما يتلوه : من قوله تعالى : ويشهد الله على ما في قلبه ، والمعنى انه يتكلم بما يعجبك كلامه ، من ما يشير به الى رعاية جانب الحق ، والعناية بصلاح الخلق ، وتقدم الدين والامة وهو اشد الخصماء للحق خصومة ، وقوله : الد ، افعل التفضيل من لد لدوداً اذا اشتد خصومة ، والخصام جمع خصم كصعب وصعاب وكعب وكعاب ، وقيل : الخصام مصدر ، ومعنى ألد الخصام اشد خصومة .
قوله تعالى : واذا تولى سعى في الارض ليفسد فيها « الخ » ، التولي هو تملك الولاية والسلطان ، ويؤيده قوله تعالى في الآية التالية : أخذته العزة بالإثم ، الدال على ان له عزة مكتسبة بالاثم الذي يأثم به قلبه غير الموافق للسانه ، والسعي هو العمل والاسراع في المشي ، فالمعنى واذا تمكن هذا المنافق الشديد الخصومة من العمل وأُوتي سلطاناً وتولى امر الناس سعى في الارض ليفسد فيها ، ويمكن ان يكون التولي بمعنى الاعراض عن المخاطبة والمواجهة ، اي اذا خرج من عندك كانت غيبته مخالفة لحضوره ، وتبدل ما كان يظهره من طلب الصلاح والخير الى السعى في الارض لاجل الفساد والافساد .
قوله تعالى : ويهلك الحرث والنسل ، ظاهره انه بيان لقوله تعالى : ليفسد فيها اي يفسد فيها بإِهلاك الحرث والنسل ، ولما كان قوام النوع الانساني من حيث الحياة والبقاء بالتغذي والتوليد فهما الركنان القويمان اللذان لاغناء عنهما للنوع في حال : اما التوليد فظاهر ، واما التغذي فانما يركن الانسان فيه إِلى الحيوان والنبات ، والحيوان يركن إِلى النبات ، فالنبات هو الأصل ويستحفظ بالحرث وهو تربية النبات ، فلذلك علق الفساد على الحرث والنسل فالمعنى انه يفسد في الارض بإِفناء الانسان وابادة هذا النوع بإِهلاك الحرث والنسل .
قوله
تعالى : والله لا يحب الفساد ، المراد بالفساد
ليس ما هو فساد في الكون